تتسابق شركات الاتصالات بشكل محمود في تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، وتقودها مصالحها في هذا التسابق الشريف للظفر بأكبر عدد من العملاء، فلا ضير إذا ما خفضت أجور المكالمات وبحثت عن مناسبات كثيرة لتقديم عروض متنوعة تصب كلها في مصلحة عملائها، إلى جانب البحث المضني للتخطيط دوماً لجلب عملاء جدد حتى تتسع دائرة مخدوميها وعددهم، وهذا طبعاً يصب في مصلحة تلك الشركات على غرار القاعدة التجارية «بعد الكثير بهامش ربح قليل تكسب الكثير». إلا أنني لاحظت في الآونة الأخيرة أن بعض هذه الشركات العملاقة التي لها دور ريادي في تطوير الخدمة، تتجاهل بعض الملاحظات التي تهدم جهودها في كسب السوق، أو أن بعض المعنيين عنها لم يهتد إلى هذه الملاحظات الجوهرية، التي من بينها أن بعض أنظمتها تقوم على تنفير عملائها وتدعوهم إلى التخلي عنها والبحث عن شركة أخرى منافسة. ويعود السبب في ذلك إلى أن نظامها الإلكتروني يقوم بإيقاف الخدمة عن العميل بمجرد مرور فترة زمنية قليلة على وجود السداد، بل إن العميل الذي لديه أكثر من خط هاتفي موزعة على أفراد أسرته، يجد أنه بمجرد عدم سداد أحد فاتورة هذا الرقم الهاتفي، فإن الخدمة تقطع عن بقية الخطوط التي باسمه. يحدث هذا على رغم أن العميل قد أخذ حيطته بوضع رصيد قوي في حسابه مع الشركة لخدمة هاتفه، تلافياً لإيقافه بلا مقدمات ولا سابق إنذار. ولعلي لا أحتاج إلى دليل يؤكد ما ذهبت إليه، فقد عشت تجربة من هذا القبيل، إذ تم قطع الخدمة عني دون أن تصلني الفاتورة – بحسب المتبع – أو يتم إشعاري بإنذار قبل قطع الخدمة. وبحكم أن لدي عدداً من الأرقام الهاتفية مع إحدى هذه الشركات، أجد أنه لمجرد أن أحد أفراد أسرتي تأخر في السداد يتم إيقاف الخطوط كلها، على رغم أنني أدفع مقدماً بالنسبة في ما يخصني، حرصاً مني على استمرار الخدمة، بل إنه يبقى أحياناً لدى الشركة فائض مالي، ولست أعلم لماذا لا يؤخذ من الفائض الذي يخصني للهاتف الجوال الذي يحمل اسمي طالما أن العقاب يشمل المتأخر في السداد وغير المتأخر. ولا أظن أحداً يخالفني أن هذا الإجراء الغريب يتنافى مع أبسط الأساليب التجارية الحضارية، ويصب في مصلحة الشركات المنافسة، ولا شك أن مثل هذه الإجراءات التعسفية شيئاً فشيئاً تخلق مشكلات عدة للشركة ومدى قدرتها على المنافسة، هذا على مستوى الشركة. أما على مستوى العميل، فإنه ومن دون مبالغة يتعرض للظلم لسبب لم يقترفه، خصوصاً أن هناك إجراءات أخرى أكثر احترافية للشركة، إذ إن العميل تتعطل أعماله، بل ربما يكون في حاجة ماسة لإجراء اتصال طارئ أو ما شابه ولا يستطيع ذلك بسبب خطأ في التعامل مع العميل. إن إيقاف جميع الأرقام الهاتفية للعميل لمجرد عدم سداد أحدها يتعارض مع المنهج الإلهي «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، فليس من المقبول أن يتحمل المشترك ضرر الرقم الذي يستخدمه أحد أفراد أسرته، فطالما أنني لا أتحمل أخطاء ابني من الناحية الرسمية، فكيف أتحمل وزر عدم سداده لهاتفه الجوال؟ المأمول من شركات الاتصالات العاملة في البلاد مراجعة جدوى منهجها، والعمل سريعاً على إعادة تقويم برامجها وتغيير أسلوب تعاملها مع مشتركيها، وإلا فإنني وغيري سنتخلى عن الاستفادة من خدماتها.