إشارة إلى مقال الأمس عن المواطنات (الكاشيرات)، يقول الدكتور محمد السعيدي إنه يمكن تصنيفهنّ إلى أربع فئات، يتمنى أن ينظر المعنيون بالأمر في حالهنّ، حتى يصبحن يومًا من النادر الذي لا حُكم له. الفئة الأولى: مطلّقات بين يدي كل واحدة منهن ثلاثة إلى ستة أبناء، تخلّى عنهم الأب دون أدنى مسؤولية. ولكل قاضٍ في أمثال هؤلاء نظر مختلف. وحتى عندما تظفر المسكينة بصك يفيد بوجوب إنفاق الرجل على أطفاله، لا تجد مَن يجبره على التنفيذ، فخير لها أن تبل الصك وتشرب ماءه، قبل أن تغادر إلى صندوق الكاشير. وأخريات يهددهنّ الأزواج بحرمانهنّ من رؤية صغارهنّ، فتضطر إحداهنّ صاغرةً إلى تحمّل النفقة، والوقوف على رجليها ثماني ساعات على صندوق الكاشيرة. الفئة الثانية: فتيات في عمر الزهور، الوالد مسن مريض، ربما كان لها شقيق يكبرها، لكنه مبتلى بصحبة السوء ومعاقرة المخدر، وأخوات أخريات ضعيفات لا حول لهنّ ولا قوة. وحتى راتب الضمان يستلمه الشقيق المدمن ليسد به نهمته ونشقته. وإذًا ليس أمامها إلاّ صندوق الكاشير، ففارس الأحلام بعيد، والزمن صعب شديد. أمّا إن كان لها أعمام وأبناء عمومة، وربما قبيلة فلا أحد يسأل عنها، مع أن الله تعالى أوصى بالأرحام فقال: (وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ). الفئة الثالثة: أرامل، منهنّ مَن تُوفي بعلها، وهو شاب في عقده الرابع أو الخامس، وترك لها إناثًا صغيرات، مع مال قليل، وبيت شعبي يسترها وبناتها حينًا من الدهر، قبل أن يتذكّر أشقاء زوجها أن لهم في هذا البيت حقًّا، ليُباع، وتُقسّم التركة، وتذهب الأم إلى صندوق الكاشير لتكدّ عليهنّ، في حين ينسى الأعمام أن لهم رحمًا أهملوه، وواجبًا ضيّعوه، والمسؤول المعني لا يفعل شيئًا البتة. الفئة الرابعة: نساء متزوجات، وما هن بالمتزوجات، نسيهنّ زوج ظالم، ألقى في حجرها أبناء وبنات، وذهب يبحث عن المتعة في زوجة أخرى، أو في شلة أنس منحرفة، وذهبت هي إلى صندوق الكاشير تلملم جراحها، وتنكفئ على صغارها، والمعني يسمع ويرى، لكنه يتملّص وينسى. تحية تقدير للدكتور السعيدي، فقد شخّص الداء، وإن كنا جميعًا نسينا الدواء.