وقف البروفسور أمام تلاميذه ومعه بعض الوسائل التعليمية، وعندما بدأ الدرس ودون أن يتكلم أخرج عبوة زجاجية فارغة وأخذ يملؤها بكرات الجولف ثم سأل الطلاب : هل الزجاجة التي في يدي مملوءة أم فارغة ؟ فاتفق التلاميذ على أنها ممتلئة. فأخذ صندوقا صغيرا من الحصى وسكبه داخل الزجاجة ثم رجها بشدة حتى تخلل الحصى المساحات الفارغة بين كرات الجولف ثم سألهم إن كانت الزجاجة ممتلئة فاتفق الجميع على أنها ممتلئة .. فأخذ بعد ذلك صندوقا صغيرا من الرمل وسكبه فوق المحتويات وبالطبع قد ملأ الرمل باقي الفراغات وسأل طلابه مرة أخرى إن كانت الزجاجة مملوءة فردوا بصوت واحد : إنها كذلك . أخرج البروفسور بعدها فنجانا من القهوة وسكب كامل محتواه داخل الزجاجة فضحك التلاميذ من فعلته وبعد أن هدأ الضحك شرع البروفسور في حديثه قائلا: الآن أريدكم أن تعرفوا ما مغزى القصة ؟؟ إن هذه الزجاجة تمثل الوطن في حياة كل واحد منا وكرات الجولف تمثل الأولويات التي يحتاجها منا الوطن حتى نحافظ عليه ويستوطن في قلوبنا ويستكن في حدائق أعيننا وهذه الأولويات هي الدين والقيم. كيف أحافظ على وطني؟ كيف أستشعر هذه العبارة ؟ إذا حافظت على ديني وقيمي وحافظت على صحتي وأسرتي وحرصت على تعليمي وعملي وفي ذلك محافظة على الوطن لأني أصبح إنسانة يقوى بها الوطن وكل واحدة منا صورة تعبر عن وطنها كيف أحافظ على وطني من خلال مهنتي ؟ أكون قدوة ... وفية لعملي ، أمينة في عملي ، أتقن عملي ، أبدع في عملي، صادقة في قولي وفعلي وهذه مقومات الكرامة التي يتميز بها الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى، فإذا أحست الطالبة بإخلاص المعلمة في الصف وصلت إليها مشاعر انتماء معلمتها للمكان الذي تعمل فيه فتشعر بانتمائها لوطنها فحقها يعطى لها بإتقان وهذه صورة تعبر عن حب الوطن، بل تقلب الاحتفاء بالوطن من مشاعر مدتها يوم واحد إلى سلوك يستمر باستمرار الحياة، وإذا شعرت المعلمة بإبداع مشرفتها وإخلاصها ودعمها وثقت فيها واستشعرت ولاءها للوطن لأن مشرفتها تنهض بالوطن ليس فقط من خلال الاجتهاد في العمل، بل من خلال إعطاء المهنة حقها من التطوير والتجديد وفي النهاية سوف تحاكيها في إبداعها .. وهذه أيضا صورة تعبر عن الحب الذي يحافظ على الوطن. كرات الجولف هذه هي الدين والقيم بحيث لو أننا فقدنا كل شيء وبقيت هذه الأشياء في حياتنا بقي بها الوطن مليئا ثابتا. أما الحصى فيمثل الأشياء المهمة التي يحتاجها منا الوطن وهي : الاحتفاء بتوحيد أطرافه وانتصاراته وانجازاته، والإشادة بدور القادة في توفير الأمن والأمان. فرغم الصراعات والنزاعات التي يمر بها العالم نظل نشعر بالأمان وما استطاعت دول العالم الأخرى أن تحققه . القناعة بالوطن والقناعة بخيراته .. الالتزام بالحقوق العامة والخاصة .. مواجهة الفساد ومعالجته .. تطوير النفس .. كف الأذى. أما الرمل فيمثل بقية الأشياء التي نعتقد أنها ضرورية ومهمة ونهدر فيها وقتا وجهدا وهي في الواقع هامشية ويمكن الاستغناء عنها. رفع أحد التلاميذ يده قائلا : لم تبين لنا يا بروفسور ما تمثله القهوة. رد البروفسور : أنا سعيد لأنك سألت .. أضفت القهوة لأوضح لكم أنه مهما كانت حياتك مملوءة فسوف تبقى هناك مساحة للقهوة .. فمهما عملنا من أجل الوطن فسوف يبقى مساحة لشرب القهوة.