حين تكون قلوبنا مستودعًا لأيامنا ولحظاتنا.. تَعبر بنا إلى عوالم من الأحاسيس المتضاربة المتناقضة.. يختلط فيها مزيجٌ من الأفكار المرتبطة بها. فقد نجد فيها صورًا ملطخة بالألم.. والحزن.. تفيض فيها العبرات والحسرات.. صورٌ نودّ لو نطمسها ونمحوها، بل نحرقها بلا رجعة، وأخرى نقية كنقاء قلوب الأطفال.. شفافة كصفاء الماء.. تحرّك فينا مشاعر جميلة.. وتحيي في ذواتنا أملاً.. وتفاؤلاً.. وحبًّا للحياة. وبين تلك الصور الممتلئة.. لمحتُ بعضها تتناثر على القلب بلا ملامح.. أو حتى أثر لرسم أو معالم كانت تقبع داخل هذا المربع الفارغ.. إنّها تأخذ حيّزًا بداخلي.. فلستُ أدري ما كان موجودًا فيها.. كانت ممتلئة بالأمس!! ولكني لا أعرف لمَ هي فارغة اليوم؟! بل لا أعرف ما كان فيها! حاولتُ قراءة هذه الصور.. أو على الأقل حاولتُ تلمسها بيد إحساسي وذاكرة عقلي.. ولكني لم أتذكر ولو طيفًا ممّا كان يسكن فيها شعرتُ بوخزالألم.. أجل.. شعرتُ بذلك.. فلربما كان في هذه الصورة ذكرى جميلة أتلفتها يد الزمان.. واحتوتها ذاكرة النسيان التي لا تفتأ تسرق منا أجمل الذكريات والصور التي نودّ لو نحبس أنفسنا بداخلها في لحظة من الخيال الذي نحلق فيه بدافع تكرار مثل هذه اللحظات أو إعادتها إلى الحياة.. ولو في أحلامنا.. يا ترى.. هل كنت سأتحسر على هذه المساحة الفارغة لو كان بها ما يؤلم؟! مع أنّي أعلم يقينًا أنّه حتى تلك الصور المؤلمة التي تمرّ في مخيلتنا.. ويستخرجها العقل من صندوق الماضي.. أو يتلمسها القلب بيد مرتجفة.. تُعدّ ذكرى من نوع خاص.. لها لذتها وسحرها الذي يحيط بها بالرغم من مرارتها وقسوتها. وعلى صفحات قلوبنا الممتلئة.. والتي قد تفيض أحيانًا إلاّ أننا نجد فيها صورًا أخرى ما تزال تنتظر.. صور فارغة.. فارغة من كلّ شيء.. تنتظر منا أن نملأها.. أو نتركها للأيام فهي كفيلة بملئها.. حنان سعيد الغامدي