متحدث خلف طاولته يشرح : ((يقول جمعان)) كانت من شهرتها الذائعة الصيت- في زمانها بالطبع لازمة تتردد تجدها على كل لسان يستنجد بها الناس ((رجالاً ونساءً شيوخاً وأطفالاً)) حين الفرح وحين الضراء وحين البأس بعد حمد الله تعالى تشهق النفوس بلازمة تقشر الوجع والروح من أدران الحياة تستلهم النفوس راحتها في : الشدو والغناء والزمل والحداء في لحظة ما تجد ((يقول جمعان)) هي الحل السحري والبلسم الشافي يطردون بها ((هَماً)) سكن أطراف الصدور أو ((وجعاً)) أطبق على حنايا الروح أو ((ألماً)) أحتل منك الجسد يخففون بترديدها: لوعة الفراق وحنين العاشق ............. تأوه المكلوم وألم المفجوع وحرقة المحزون تجد بعض بلسمهاالشافي في ترديد يقول جمعان إذا كانت ((المعنّى يقول)) هي لازمة المطربين فإن ((يقول جمعان)) لازمة الجموع ............ ((ضوء خافت)) شخص مستلقي على فراشه يحدث نفسه على أنغام ((يقول جمعان)) تداهمني حالة من غياب أدفن روحي في أجواء الماضي العتيق تأتي صورة دالة بعد فحص سريع لزوايا الذاكرة وجولة سريعة في مجلد الذكريات ((هناك ملف خاص)) يعرض فلاشات سريعة تطفأ الأنوار ((إظلام تام )) هنا يفتح الستار : تنزل شاشة العرض يبدأ عرض ((مقطع سينمائي)) المشهد : قرية ممتلئة حركة الناس والبشر والحيوان في دأب ظاهر قبيل المغرب : يتصاعد الحدث تتسارع الحركة ويرتفع إيقاع العمل ((تبدو الحركة في أوجها هذه تحلب بقرتها وتلك تعد عشاءها هذا يتفقد أغنامه ذاك مسؤول عن تفقد صغارها من هناك بشر قادمون من أطراف البئر ((صبية تحمل الماء)) و((آخرى )) على ظهرها حزمة حطب وثالثة تسوق الضأن إلى مآواها ورابعة توقد النار وتعجن لإعداد طعام العشاء للجوعى والمنهكين ذاك عائد ((على كتفه فاسه)) يلف عمامته على الرأس وآخر يحمل ((عقدةً من العلف)) والبرسيم لعشاء راحلته . إتجاهات متعددة وحركة دائبة يعقبها حتى يأتي اللليل .. ((تكوين)) تحل العتمة ويحتل الظلام الحالك المكان عن بعد تبدو أضواء الفوانيس هدوء يحيط بالمكان سيمفونية هادئة تقطع هدوء ذلك الليل البهيم ((نحنة مُسن)) يذكر ربه و ثغاء شياه وعواء يأتي من أطراف الجبل أوآهة مريض يئن تحت وطأة الألم اوأم تهدهد طفلها لينام ((ياهلال ياسعيد...لاقني في المسيد)) مؤثر صوتي [لم تكن ((يالله تنام)) ظهرت بعد ...] صوت المذياع عبره يطل محمد بن شلاح المطيري ببرنامجه : ((من البادية)) يصل شخص هدّه التعبٌ واضح أنه تحت تأثير عناء يوم عامر بالكد يتأوه يركز عصاه يصيح في الماء ((أسقوني ياعيال)) يشرب الماء يستند إلى الجدار ينداح بعذوبة فائقة تطرب الآذان وينفطر لها القلب )) مردداً : يقول جمعان ريت البندقة في يد الأعمى يقول عندي بصيرة للمثل واني أشوف يضيق لاقلت هات وسر ياعميان يضيق خلقه ويرمي بالحصى في جداره لو كان يبصر هبا في الدار مية مصيبة لكن ربي حمدته ريحه من عيونه ليعود الصمت ليلتهم المكان مجدداً و .. ((يغلق الستار)) انتهى العرض قام البعض من مكانه وجلس البعض ، صعد البعض على خشبة المسرح ونزل البعض الآخر ، حالات كثيرة وانطباعات عديدة ((حوار)) يجري في زاوية ما من المسرح رأي 1:مشاهد جميلة ومعبرة رأي 2:أختفت بسرعة هذه المشاهد رأي 3:بل وتنازلنا عنها نحن رغم ماتحمله من بساطة وجمال رأي 4:مامدى إمكانية أن تبقى ((سمة مميزة)) في وجه هذا التحول للقرية نحو المدينة وذوبانها في ثوبها رأي 6:لماذا انتهت مظاهر كثيرة من حياتنا دون حتى أن نقيم لها حفلة وداع حقيقة رأي 7:البعض لايجيد أكثر من أن يستجره كذكرى ، و رأي 8:البعض قديرى تلك المشاهد صورة بدائيية ورجعية يجب التخلص منها وقور في آخر صالة العرض يعلن : ((هذا)) ليس مقطعاً من مسرحية ((ولا مشهداً من عروض)) المسرح الإحتفالي ((الذي لم يولد عندنا بعد)) بل هي مشهد حقيقي صنعته الحياة على طبيعتها دون تكلف ((كانت الحياة مسرح كبير)) اليوم هي أشبه ...... بصندوق سحري مغلق ((هذا فقط (( شيء من ذكرى)) و((لوعة من حنين)) ومشاهد ملونة بالفرح)) وقور آخر من زاوية آخرى تساؤل :مامدى إمكانية الإستفادة من تلك الأشكال والصور والموروثات في خلق كل ماهو عصري وجديد و مرتبط بنا ويعنينا ، خاتمة : لتلك اللحظات العامرة بالتعب والمتعة اللذيذة ولمن يشاء الله له أن يمر من هنا وصديقي الفاضل : علي بن عوض أُهدي يقول جمعان وجميل التحايا