تستمد الدول شرعيتها الدولية من ممارساتها وسلوكها بين الدول محليا وعالميا. وعندما تتمرد الدولة - أي دولة- على المواثيق والأعراف التي تنظم وتحكم شؤون المجتمع الدولي تصبح منبوذة وخارجة عن الأنماط المتعارف عليها بين الدول. والكيان الصهيوني من بدايته في عام 1948م لا يستند إلى القواعد الشرعية المعترف بين الدول لا في الشأن المحلي ولا في الممارسات الدولية. وباستعراض الحيثيات التالية تتضح لنا الخلفيات التي بموجبها اوجد إسرائيل: * هي مكونة من عصابة قررت في اجتماع سري وأصدرت وثيقة سميت بوثيقة «هرتزل» نسبة «لثيودور هرتزل» صحفي يهودي نمساوي أبو الصهيونية العالمية التي تحكم إسرائيل حاليا منذ تأسيسها في عام 1948م. * وبعد ذلك بدأت تلك العصابة تحشد الدعم مستخدمة كل وسائل النصب والاحتيال والمؤامرات على كل المستويات وتفتعل التبريرات لتعزيز مواقفها. * وكانت الجائزة التي تبحث عنها من البداية»وطن قومي لليهود» ولم تحدد أين وعلى حساب من سيكون ذلك الوطن، ولكن أصحاب المال والنفوذ منهم كان هدفهم من البداية على فلسطين... وليس غيرها. * ويأتي وعد بلفور الشؤم في عام 1917م وعدد اليهود في فلسطين لا يزيد على 5% من عدد السكان العرب مسلمين ومسيحيين. وبعد ذلك الوعد وتحت الحماية البريطانية، بدأت التصفيات الجسدية، والتهجير، وامتلاك الأراضي، والقرصنة لتهريب العصابات اليهودية إلى داخل فلسطين. * ومن ذلك الوقت والمخطط الإجرامي مستمر مرورا بالاعتراف بالكيان غير الشرعي كدولة منضَمة للأمم المتحدة، تحت حماية مطلقة من أمريكا وحلفائها، وبذلك انضمت تحت مظلة الشرعية الدولية. * وميثاق الأممالمتحدة الذي تأسست إسرائيل بموجبه ينص صراحةً في بنوده المتعددة على التزام كل دولة تصادق عليه، بنصوصه وبالتعهدات والقرارات الدولية التي تصدر عن المنظمة في إطار ذلك الميثاق. وحيث لا يسمح المجال لاستعراض تلك البنود في هذا المقال نكتفي بالتذكير بأن أمريكا أكثر دولة استخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن، لصالح إسرائيل. ومن هذا يتضح أن العالم أمام عصابة استولت على وطن بالقوة(قوة الاستعمار البريطاني) اكتسبت الشرعية الدولية بالقوة( قوة النفوذ الأمريكي في الأممالمتحدة)، وتتم حمايتها سياسيا بالقوة (قوة الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن)، فرضت وجودها بقوة السلاح والدعم الذي تحصل عليه من أمريكا وحلفائها. ومع كل ذلك فتلك العصابة ليس لها حدود مرسمة، ولم تكتفِ بالغنيمة بل تتوسع أطماعها كل يوم وتقول هل من مزيد والحرامي الذي لا تردعه الأنظمة والمحاسبات الجزائية، يظل يسرق، ويسرق حتى يأتي الله بأجله. * والجريمة الأخيرة التي ارتكبتها في المياه الدولية ضد سفن الحرية وركابها، تمثل حلقة في مسلسل بدأ في بداية القرن العشرين واستمر حتى يومنا هذا، وسيستمر، ما لم تنزع الشرعية الدولية منه، ويصبح منبوذا في المحافل الدولية وتقفل أمامه كل الممرات البرية، والمضايق البحرية، والطرق الجوية، وكل من يتعامل معه ينال العقاب نفسه بداية بالدول العربية والإسلامية التي تتعاون معه. * إن المشهد الدولي(يونبئ) عن أن هناك تحالفات عالمية جديدة على وشك التشكل ستغير موازين القوى في العالم، وستحرج النظام العالمي الحالي، الذي سمح بتدهور الأوضاع إلى الحد الذي وصلت إليه. والمتوقع أن تتسبب العوامل الاقتصادية في تغيير مراكز القوى العالمية وخلق واقع جديد في السياسة الدولية. وبالنظر إلى كل المعايير القانونية، والأخلاقية، والإنسانية، فان إسرائيل لم تعد أهلاً للشرعية الدولية التي تظللت وظللت العالم بها على مدى ستة عقود مضت. والغريب إن ردود الفعل عند العرب على الدوام تقع في مصيدة الحديث عن التفاصيل وتنسى الشرعية التي فقدتها إسرائيل من خلال ممارساتها ورفضها للقانون الدولي والمعاهدات التي وقعت عليها. * والسؤال: هل سيستمر دور النظام العربي البائس على ما هو عليه أم أن الأجواء حبلى بانتفاضة ضمير توظف مقومات الأمة للعب دور مغاير لما تعرضت إليه من بداية القرن العشرين حتى الوقت الراهن؟!! لقد حان الأوان أن تقوم الجامعة العربية، ومنظمة الموتمر الإسلامي، بدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة للأمم المتحدة، وتتقدم بمشروع قرار مدروس تطالب فيه بنزع الشرعية الدولية عن إسرائيل وطردها من الأممالمتحدة والمنظمات التابعة لها، على أن تعقد الجمعية في جنيف بدلا من نيويورك.