تكشف دراسة علمية وثائقية أن مصطلح يهودية الدولة ظهر في نهاية القرن التاسع عشر، في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في مدينة بازل السويسرية عام 1897م وترأسه الصهيوني تيودور هرتزل، وبعد عشرين سنة من انعقاد هذا المؤتمر الصهيوني صدر «وعد بلفور» في عام 1917م الذي يقضي بحق اليهود في وطن قومي لهم على أرض فلسطين وأثناء انتداب بريطانيا على فلسطين أقرت الحكومة البريطانية تقرير اللجنة الملكية «لجنة بيل» في عام 1937م بعد مضي عشرين سنة على «وعد بلفور» وجاء قرار «لجنة بيل» تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية، والأخرى يهودية. أوضحت الدراسة المعنونة «يهودية دولة إسرائيل» وصدر القرار الدولي 181 في عام 1947 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو القرار الرسمي لتطبيق تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية واعتبر هذا القرار ملزماً للجميع ويحرم رفضه أو نقضه وفي عام 2007م مع بداية التسوية السلمية لقضايا الحل النهائي بدأت إسرائيل تسوق مسألة خطيرة هي ضرورة الاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية دولتهم مستغلة في ذلك عدة ظروف إقليمية ودولية منها إدارة أمريكية في واشنطن يتزعمها المسيحيون الصهاينة وأحداث 11 سبتمبر عام 2001م، وغزو القوات الأمريكية لأفغانستان، واحتلال العراق، والانقسام على المسرح الفلسطيني. يفهم من النتائج التي ستترتب على يهودية الدولة الإسرائيلية، أنها تعطي لتل أبيب حق طرد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل بعد أن تعتبرهم غرباء يحملون تراخيص بالإقامة في إسرائيل التي يمكن إلغاؤها في أي وقت وهو أمل إسرائيلي بدأت خطواته في عام 2005م، بانسحابها من قطاع غزة، وبناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية، كل ذلك بهدف تحقيق يهودية دولة إسرائيل والحفاظ على ذلك، واضح أن يهودية دولة إسرائيل تلغي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين طردتهم تل أبيب في عام 1948م بكل ما في ذلك من مخالفة لأحكام القانون الدولي العام، كما أن يهودية دولة إسرائيل يعطيها الحق في الاستيلاء على كل فلسطين التاريخية بكل محتوياتها، غير أن هذا الحق هو الباطل لأن الحق الفلسطيني في أرضه ثابت ومعترف به بموجب أحكام القانون الدولي العام غير أن الصهاينة اليهود وأنصارهم يريدون أن يثبتوا من خلال فرض الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل اعتبار نضال الشعب الفلسطيني منذ بدايته حتى الآن ملغياً ووصفهم بالإرهابيين لأخذ حق هو في الأصل من حقوق الصهاينة مما يعني بالباطل أن اليهود هم سكان فلسطين الأصلي,ن والعرب هم الدخلاء الذين يحاولون اغتصاب الحق الصهيوني، هذا الفهم الخاطئ لحقائق التاريخ التي تثبت أن الصهاينة هم الدخلاء المغتصبون للأرض بأدوار بريطانية جائرة أعطت ما لا تملك لمن لا يستحق وفرضت على أرض فلسطين استعماراً استيطانياً محرماً بموجب أحكام القانون الدولي العام، هذه الحقيقة الدامغة جعلت إسرائيل تصدر توصية تدعو إلى التعامل بحذر مع المصطلحات الصهيونية والغربية التي فرضت على المسألة الفلسطينية وبذل كل الجهود في المحافل الدولية للحيلولة دون إبراز مصطلح يهودية دولة إسرائيل سواء من جانب العرب عامة ومن جانب الفلسطينيين خاصة. هذه الحقائق الثابتة دعت إلى امتناع السلطة الفلسطينية في الاستمرار بالمفاوضات السلمية مع إسرائيل لإجبارها على التراجع عن مطلبها بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل بالإضافة إلى اتخاذ العرب موقفاً موحداً تجاه الولاياتالمتحدةالأمريكية لكي تجبر قادة إسرائيل على التراجع حول مطالبهم الداعية إلى يهودية دولة إسرائيل لما في هذه الدعوة من أضرار بالغة بالحقوق الثابتة الفلسطينية والتطاول على أحكام القانون الدولي التي تحرم كل أشكال الاستعمار وبصفة خاصة الاستعمار الاستيطاني الذي تمارسه إسرائيل على الأرض الفلسطينية منذ سنة 1948م إلى يومنا هذا في عام 2011م، وأعتقد أن على العرب أن يسعوا لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار قرار يحرم على إسرائيل أن تطالب بيهودية الدولة الإسرائيلية لأن الأغلبية السكانية في فلسطين هي للفلسطينيين وليس من المعقول أن تعطى الأقلية حقاً يؤكد يهودية دولة إسرائيل لتقوم الأقلية بطرد الأغلبية من السكان خصوصاً وأن اليهود مغتصبون للأرض ومحتلون لها، وهناك سلسلة من القرارات الدولية تطالب إسرائيل بالانسحاب من الأرض التي احتلها في عام 1967م، وأعتقد أن الأوان قد جاء لإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل منها لتقوم المفاوضات السلمية التي تؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينيةالمحتلة وتتخذ من القدس عاصمة لها، ونرجو أن تتبنى الأسرة الدولية هذه القضية باعتبارها حقاً ثابتاً للفلسطينيين في الأرض وحقاً طبيعياً أن تكون لهم دولة مستقلة على الأرض الفلسطينيةالمحتلة. إذا لم تتخذ الأسرة الدولية هذا الموقف فإنها تصبح ظالمة للفلسطينيين، وإذا لم يصدر قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين إسرائيل بطلبها يهودية دولة إسرائيل فإنها تكون مخالفة لأحكام القانون الدولي العام وخرجت عن طبيعة وظيفتها الرامية إلى حفظ السلام العالمي. إن السلطة الفلسطينية تلوح بحل نفسها حتى لا تتحمل وزر إعلان قرار يهودية دولة إسرائيل رسمياً لأن حدوث ذلك مع وجودها يدينها خصوصاً لأنه يلغي الوجود الفلسطيني وهي قضية مرفوضة تماماً من قبل كل العرب بصفة عامة ومن الفلسطينيين بصفة خاصة، ولا يزال العرب والفلسطينيون متمسكين بالمبادرة العربية التي تطالب بكل الأرض المحتلة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.