لم تأت المعاجم العربية على ذكر مفردة الاحترام المتداولة اليوم والتي تعد أصلا من أصول بناء الحياة على المستوى الفردي والأممي. لعل أول المعاجم إيرادا لإحدى مشتقاتها دون أي تعريف هو قاموس المنجد، حيث أورد في طبعته السادسة والثلاثين كلمة: المحترم لقب في المكاتبات. ثم جاء معجم الوسيط في اللغة الصادر عن مجمع اللغة العربية في القاهرة بالفعل: احترمه بمعنى كرمه. وقد تعجب حين تجد المورد يورد في ترجمة الفعل respect عن الإنجليزية مفردة المحاباة من بين المعاني المقابلة في العربية. الاحترام هو شعور داخلي يبعث في النفس الحرص على كرامة ذاتية وتفاعلية نحو الآخر صغيرا كان أم كبيرا غنيا كان أم فقيرا صاحب وظيفة رفيعة أو صاحب عمل يراه البعض غير رفيع. ومن لم يكن في نفسه كريما محترما لها لا يستطيع إكرام غيره ولا احترامه؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه. ومما أفسد الاحترام بين الدول حيل السياسة ومطامع من وسدت إليهم الأمور وقد تكون مطامع وراءها مصالح شخصية تضيع بها مصالح شعوب وأجيال. في البيوت وفي بيئات العمل قد تكون ثقافة الاحترام رافدا من روافد بناء مجتمع يكون أكثر تماسكا وأشد صلابة في مواجهة النوازل وأقدر على حوار رفيع إيجابي بناء؛ لأن الاحترام يفرض على العقل حسن الفهم وعلى اللسان حسن الكلام وعلى السلوك حسن التصرف. ولعل في الأثر الجميل: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا» ما يضع معيارا داخل كل إنسان كي يضبط به بوصلة تعامله من أجل نشر وممارسة ثقافة الاحترام.