أسعدتني تصريحات وزير المياه والكهرباء والرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء التي نشرتها الصحف خلال اليومين الماضيين والتي تضمنت تأكيدات قاطعة بأن صيف الماء والكهرباء هذا العام سيكون بردا وسلاما على سكان المملكة، فلا انقطاع للكهرباء ولا شح في الماء، ولاشك عندي أبدا أن هذه التصريحات أسعدت جميع المواطنين والمقيمين الذين اكتووا بنار الخدمتين في مواسم صيفية متعددة خلال السنوات الماضية. لعلكم لاحظتم أنني قلت أسعدتني، وقلت متيقنا أنها أسعدت جميع المواطنين والمقيمين، وقد قلت ذلك متجاوزا حقيقتين، الأولى: أن انقطاع الكهرباء وشح الماء ما زالا قائمين هذه الأيام في مدينة جدة – مثلا –، وبالصدفة المحضة انقطعت الكهرباء أول أمس عن حي الصفا وأنا أقرأ تصريحات المهندس علي البراك التي تعد بربيع الصيف القادم، أما المياه فالشكوى منها قلّت لكنها موجودة إذ بين الحين والآخر لا بد من الاستعانة بالوايتات لأن مياه الشبكة تنقطع لكن مادام الماء موجودا فلا مشكلة سواء جاء عبر الأنابيب أو بالناقلات، وأنا أضرب بجدة المثل لأنني أعيش فيها، وإلا فهناك مدن وقرى حالها أسوأ ونحن في الربيع الآن فما بالك بالصيف، أقصد الصيف الماضي، أما القادم فمع تباشير الوعود فإنه سيكون \"سهود ومهود\". الحقيقة الثانية: أن هذه التصريحات مازالت في إطار الوعود، والصيف القادم سيكون المحك الحقيقي لتجربتها، لكنني أكدت سعادتي وسعادة الجميع بها من منطلق أنها تصدر من مسؤولين عايشوا بأنفسهم عذابات المواسم الماضية ولابد أنهم تأكدوا تماما من الإمكانيات التي ستسخر لهاتين الخدمتين خلال الصيف القادم قبل أن يطلقوا تأكيداتهم، وهم يدركون تمام الإدراك أن الناس ملوا من الوعود التي لا تتحقق، بل لقد أصبحوا في شك من معظم إن لم يكن كل الوعود لكثرة ما تم استهلاكها وأصبحت كلاما في كلام لا أثر له في واقع الحياة، ولهذا فإن السعادة التي عبرت عنها تستند إلى ثقتي في أن المسؤولين عن الماء والكهرباء بحكم تجربتهم السابقة لايمكن أن يطلقوا وعودا في الهواء. بقي أن أقول إن الخدمتين - الماء والكهرباء – في وزارة واحدة وهذا يسهل عليها جمع المعلومات المطلوبة بسرعة ودقة، وحيث لم يبق عن الصيف سوى شهرين تقريبا، ومن أجل أن تتوج سعادتنا بهذه التصريحات الرائعة نأمل من الوزارة أن تعدد للناس الاستعدادات المبذولة بصورة واضحة ومبسطة يفهمها الجميع، والتي ستكون جاهزة خلال الشهرين القادمين بحيث لايحل الصيف إلا وهي جاهزة لتحقيق الأحلام، وحين أقول يفهمها الجميع فإنني أقصد البعد عن المصطلحات التي تخص كبار المسؤولين والمهندسين، والحديث باللغة التي يفهمها غالبية المستهلكين، فهؤلاء الغالبية كانوا يسمعون ويقرؤون أن ضخامة استهلاكهم من الخدمتين هو السبب، ولا أتصور أن هذا الاستهلاك انخفض أو سينخفض في الصيف القادم بل العكس، فما هو الجديد في الأمر ليكون الصيف القادم ورديا، وأرجو ألا يفهم أحد أنني تراجعت عن السعادة التي عبرت عنها في بداية المقال، أو أنني أرهنها بما ستعلنه الوزارة من استعدادات، أو مشروعات أنجزتها خلال الشهور الماضية لتحقيق الاكتفاء النهائي، ولكنني أطلب التبيان للمزيد من الاطمئنان.