حملت تصريحات المسؤولين عن الكهرباء بالسعودية في الشهرين الماضيين تضارباً عجيباً، فرضت على المتابع شكوكاً في تصديق المعلومات المنشورة في وسائل الإعلام عن خدمة الكهرباء في البلاد، فضلاً عن إظهارها لحجم الضعف في التنسيق بين الشركة السعودية للكهرباء من جهة ووزارة الكهرباء والمياه في الجهة الأخرى. فلا يفهم المتابع للصحف السعودية خلال شهرين ماضيين فقط، تطمينات خجولة لا يمل وزير المياه والكهرباء عبدالله الحصين ترديدها في كل مناسبة يحضرها، بعدم وجود مخاوف من انقطاع للكهرباء في فصل الصيف، إذ لن يطول الأمد بالمتابع حتى يقرأ بعد أيام وربما بعد ساعات تصريحاً مختلفاً من مسؤول كبير في الشركة السعودية للكهرباء بحجم رئيس الشركة عبدالرحمن البراك، يخلي فيه مسؤوليته الأدبية أمام المواطنين ويعلن بأنه لا يضمن أي انقطاعات للتيارات الكهربائية خلال فصل الصيف. وبدأ مسلسل التصريحات المتناقضة عن الخدمة الكهربائية في فصل الصيف في 19 نيسان (ابريل) الماضي، حين خرج وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين للصحافيين على هامش مؤتمر تحلية المياه في البلدان العربية، والمعرض المصاحب له الذي أقيم في الرياض، ليؤكد الاستعداد الكامل لوزارته لاستقبال موسم الصيف، قائلاً: «لن تكون هناك انقطاعات»، إذ أشار الحصين حينها إلى أن سبب انقطاع الكهرباء بالرياض في تلك الفترة يعود إلى توقف كامل لمحطة مرافق للجبيل تماماً. ولم تمض سوى خمسة أيام على تصريح الحصين حتى أعلن الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للمياه والكهرباء علي البراك عدم وجود ضمانات تمنع انقطاع التيار الكهربائي خلال الصيف. وطالب خلال حفلة تخريج 297 متدرباً في الرياض بتاريخ ال 24 من شهر أبريل الجهات الحكومية بترشيد استهلاك الكهرباء، واصفاً إياها بأنها تستهلك طاقة عالية. وقال: «لا ضمانات بعدم انقطاع الكهرباء في الفترة الصيفية الحالية، ولكن الشركة تعمل جاهدة على إيجاد مصادر بديلة ووسائل تقلل من الانقطاعات الكهربائية التي كانت تحدث خلال الأعوام الماضية». وذهب وكيل وزارة المياه والكهرباء صالح العواجي إلى أبعد من ذلك، وبدا واثقاً بشكل قاطع خلال مؤتمر صحافي عقد في ال17 من أيار (مايو) الجاري من حدوث انقطاع في التيار الكهربائي خلال الصيف، قائلاً: «انقطاع التيار حتمي ولا يمكن تفاديه، ومن يقول خلاف ذلك يجافي الحقيقة». ووصف العواجي الانقطاع ب«الأمر المألوف لدى مشغّلي الكهرباء في العالم خلال أوقات الذروة»، فيما دعا المستهلكين إلى «الابتعاد عن الحساسية عند حدوث انقطاع للتيار، وألا يعتبروه نهاية الدنيا». وزاد وكيل وزارة المياه من صراحته في الحديث عن انقطاع الكهرباء بفصل الصيف حتى بلغت به الشفافية والإحساس بالمسؤولية أن يطالب بعدم إرباك مكتب الطوارئ بالاتصالات «لأنهم لا يستطيعون الرد على آلاف المكالمات». 24 ساعة فقط أعقبت تصريح العواجي كانت كافية لأن يعود وزير المياه والكهرباء عبدالله الحصين ليقول كلاماً معاكساً، إذ توقع في ال18 من الشهر الجاري عدم حدوث أي انقطاع في الماء والكهرباء هذا الصيف، مبيناً أن الاستعدادات موجودة لتغطية الطلب المتزايد، وقال: «سنكون أفضل في الإنتاجية عن العام الماضي على رغم عدم وجود أية أزمة في أي مكان». وبين هذا وذاك يسيطر الخوف على نفوس كثير من السعوديين بقضاء إجازة صيفية لم يشهدوا لها مثيلاً في ارتفاع درجة الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي، وبدا السؤال «هل ستنقطع الكهرباء في فصل الصيف»، مرشحاً لدى كثير منهم بأن يكون لغزاً معقداً وعصياً عن الحل.