الإهمال يتحدى متجولا أينما شاء له التجوال، وهو فيما يبدو ليس فردا بل قبيلة انتشرت انتشار الوباء. في المدينةالمنورة وفي مستشفى الملك فهد هناك ربطت الممرضة يد سيدة مريضة في طرف السرير حتى لا تبعد المريضة أنبوب الأكسجين عن فمها وكانت النتيجة الطبيعية أن بتر الأطباء هذه اليد بعد أن أصيبت بالغرغرينا. السيد (إهمال )بعد أن اطمأن على بتر يد المريضة اختفى، وترك المعاملة تأخذ طريقها نحو المبررات الكفيلة بخدمته، فمن قائل إن المريضة هي من ربطت يدها بنفسها في غفلة من الممرضات المشغولات بتطوير أنفسهن ومهاراتهن في غرف التمريض، وهناك من يرى أن الجفاف الذي بسببه دخلت المريضة إلى المستشفى هو السبب، فقد سرى على حين غرة من الأطباء الذين أشرفوا عليها على مدار أسبوعين واستقر في يدها ، الأمر الذي ينبغي أن تفرح معه المريضة ،لأن الجفاف اختار يدها فقط ولم يتجول في بقية أعضائها، وهناك من قال لا جفاف ولا ربط يد وإنما المريضة مصابة بالغرغرينا الخفية منذ زمن والأطباء اكتشفوها من البداية لكنهم حفاظا على نفسيتها أجلوا الخبر حتى حانت ساعة البتر، أما السيد (إهمال) الذي يتحدى أن يشير إليه أحد فيقول إذا لم يقنعكم أي مبرر من المبررات السابقة فالأمر كله قضاء وقدر، أغلقوا الملف وهات – اللي – بعده. الذي بعده في مكةالمكرمة. السيد (إهمال) يقرأ القصة وهو يقهقه، ليس على القصة نفسها، وإنما على النتيجة التي يريد الوصول إليها قبل أن يختفي، فهو يتلذذ بنجاحاته التي تبكي غيره، والنتيجة التي ينتظرها قاتله الله هي أن تصعق الكهرباء طالبا أو مجموعة طلاب من طلاب مجمع الفلاح التعليمي، الذين تهدد حياتهم أربعة أعمدة إضاءة عارية الأسلاك أمام مجمعهم، والسيد (إهمال) لن يجد صعوبة في الاختفاء ،لأن تسلسل القصة يسهل اختفاؤه، والقصة تقول إن مواطنا اكتشف الأعمدة المكشوفة فأبلغ الدفاع المدني الذي كتب تقريرا وأرسله للأمانة وبعد أسبوع عاد المواطن المكتشف وأبلغ الدفاع المدني مرة أخرى فكتبوا خطابا للأمين مباشرة، فانتفضت الأمانة وجندت أقسامها المختصة التي لم تدخر وسعا ولا جهدا ولا ورقا فكتبت خطابا للشركة المنفذة للقيام بصيانة الأعمدة، الخطاب الموفق يبدو أنه مازال في الطريق بين أمانة العاصمة المقدسة وبين الشركة ، لأن العجلة من الشيطان، لكن الأمانة بصدد تكوين فريق مراقبة على الشركة المنفذة، والسيد (إهمال) يتنقل في نزهة كهربائية بين الأعمدة الأربعة وهو يتفرج في طلاب المجمع في غدوهم ورواحهم، ويمد لسانه بين الحين والآخر لمعلمي المجمع الذين يراقبون الطلاب، وكأنه يقول راقبوا وانتظروا شركة الأمانة ومراقبيها، وبين الحين والآخر يمعن في سخريته منهم فيشير إلى سلك علاقة الملابس الذي تضافرت جهود أجهزة الأمانة ووضعته على أحد الأعمدة الأربعة ليكون دليلا حيا على حرص فرق الصيانة على عدم هدر المال العام، آسف، فالسيد (إهمال) يقول صحح معلوماتك فسلك علاقة الملابس وضعته فرقة الطوارئ وليس الصيانة، وهذه الفرقة تنتقل عادة بعد أي بلاغ بأربع وعشرين ساعة أو سنة، الوقت ليس مهما ، لأن مهمتها إنقاذ الأعمدة من الإصلاح. وانطلق (إهمال) يتجول.