في الآية الكريمة \"فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان \" توجيه رباني واضح بضرورة الإمساك بالمعروف بين الزوجين ، أوالتسريح \" الذي هو الطلاق \" بإحسان ، أي بهدوء وستر ، ولكن الذي تشهده قاعات المحاكم ، ولجان الحماية الاجتماعية ، والجهات الحقوقية ، ومراكز الشرط عكس ذلك تماماً ، وكل هذا يصدر من رجال تربوا في بيوت مسلمة ، ويعيشون على أرض قبلة للمسلمين ، وكثير منهم وإن لم يكن أغلبهم يؤدي واجباته الدينية ، لكن عندما يمسّ الأمر أهل بيته فإنه يلبس رداء الغلظة! فتجد أهل بيته وهم أقرب الناس إليه يعانون من بخله الشديد في إشباع حاجتهم للتعامل المعنوي والمادي ، وقد تتطور الأوضاع معهم لهجرهم نفسياً وجسدياً ، وفي كثير من البيوت غير الآمنة والمطمئنة تعيش خوفاً كبيراً من عائلها ، وتتمنى وفاته وذلك لسوء أطباعه ، وعندما يصل الأمر إلى حد لايحتمل وتتجرأ المرأة وتطالب بحريتها \" الطلاق \" وتبحث عن مكانتها كإنسانة أمر الله سبحانه وتعالى بتكريمها وحسن معاملتها فإنها تواجه حينها سلسلة من المواقف الظالمة والضاغطة التي تقوم على سلب راحتها سواء كانت \"زوجة أو أماً\" فقد تساوم على حريتها بالتنازل عن أمومتها عن أطفالها ، وقد تساوم على راحتها بدفع مبلغ خيالي لزوج أهانها لسنوات طويلة وسلب منها مالها وصحتها وشبابها وكأنها تكافئه علناً مقابل ماقدمه لها من أنواع للعذاب الزوجي الذي لم يشعر به سواها ! وقد يماطل معها لسنوات لكي تفوز بحريتها لأن عائلتها ضد الطلاق ، أولأن زوجها هددها بأخذ أطفالها طوال العمر ومنعها من رؤيتهم غافلاً عن حديث رسولنا الكريم ( من فرّق بين الوالدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ) وقد تدخل في جلسات مطولة أمام القاضي لأن زوجها يرفض الحضور ، وليس في اهتمامات رجال الأمن البحث عن زوج يرفض تطليق زوجته المتضررة منه ، فهناك الكثير من القضايا التي تقلق راحتهم أكثر من القضايا الأسرية التي يجدونها أضاعت من وقتهم الكثير ! وقد تعيش كالمشردة أوالمتطفلة على من يمد لها يد المساندة حتى تحصل على طلاقها خاصة إذا كانت قليلة الحيلة ولا مصدر دخل ثابت لها ، ولا أسرة مقتدرة ستقف بجانبها في أزمتها ، ولا وظيفة قد تستفيد من راتبها الشهري ، وهذه الفئة هي الأكثر معاناة وإحساساً بالقهر الاجتماعي والنفسي ! فالكثير من الزوجات اللاتي تدفعهن ظروفهن الأسرية لطلب الطلاق يدخلن في متاهات نفسية لخوفهن من الخسارة التي ستواجههن بعد الانفصال حيث لاسكن ولادخلاً شهرياً ولا وظيفة تستفيد منها ولا شهادة علمية تفتح لها آفاقاً جديدة للاعتماد على النفس والاستقلالية عن كيان الزوج المادي ! ولأنني عايشت كثيراً من الحالات المظلومة مقابل حصولهن على الطلاق وتأمين حياتهن مابعد الطلاق فإن ظهور جمعية مودة للمطلقات في ساحة الخدمات الاجتماعية ، سيكون بوابة مشرعة لمواجهة ذلك الهم الكبير الذي تعاني منه المطلقات ، وخاصة عندما تكون جهة ضاغطة لتفعيل الأحكام الشرعية بحق النساء والأطفال ، وتحرص على التشبيك الفاعل مع الجهات المعنية بأوضاعهن مثل الجهات الحقوقية والضمان الاجتماعي والموارد البشرية ووزارة العمل لتخلق منهن كوادر بشرية منتجة وفاعلة في مجتمعهن.