طفلة الاثنتي عشرة سنة لاتعرف مامعنى الزواج، لكن يسهل إغراؤها ولو بلعبة أو نزهة،أو تخويفها، لتبدي موافقتها أمام المأذون على الزواج ممن اختاره ولي أمرها سواء كان كبيرا أو صغيرا وسواء كانت تعرفه أو لاتعرفه، وليس في هذا تجاوز للحقيقة إذ يمكن لكل أب، ولكل أسرة أن تتأمل في طفلتها ذات العمر المشابه ليجدوا أنهم قادرون على اكتشاف عدم قدرتها على اتخاذ قرار مصيري كهذا القرار، وأنه يمكن التأثير عليها ببساطة متناهية رفضا أو قبولا، ومعنى هذا أن قرارا كهذا من الخطأ طرحه عليها في مثل هذه السن الصغيرة مطلقا، سواء كان جسمها كبيرا أو صغيرا، وسواء بلغت أم لم تبلغ، لأن العبرة هنا بالمستوى العقلي والقدرة على اتخاذ قرار. لقد قرأت التحقيق - الذي نشرته صحيفة الرياض أول أمس – وكانت إجابات طفلة المذنب التي تطلب الإنقاذ من زوجها المسن لاتخرج عن كلمة (لا أدري) وهي بالفعل كلمة دقيقة تعبر عن واقعها العقلي في هذه السن الغضة، فهي بريئة تماما من كل ماحدث لها، لأنها فعلا لاتدري، فالذي زوجها هو والدها الذي اعتبر جسمها وبلوغها دليلا كافيا على قدرتها على الزواج وممارسة حقه في تزويجها بمن يراه هو- لا هي – مناسبا لها، والذي رأى أن هذه الزيجة غير مناسبة لها هي أمها المطلقة ولا أدري إن كان عن قناعة بطفولتها أم هناك أسباب خلافية أخرى، ومعنى هذا أن الطفلة المسكينة لا ذنب لها ولا قرار فهي ضحية غيرها، والأمر هنا يحتم وجود نظام يحميها ويحمي أمثالها من وضعهن في موقف كهذا لايدرين ولايستطعن كيف يقررن فيه، وذلك بغض النظر عن خلفية أو آلية وضعهن فيه سواء كان جهلا أو خلافا بين زوجين أو غير ذلك من الأسباب. لقد قال المأذون الذي أبرم العقد إنه لايوجد لديه نص يمنع تزويج مثل هذه الطفلة وإن العقد تم تصديقه من المحكمة، وإنه سأل الطفلة فوافقت، أما زوجها –عمره بين 65 و80 سنة – الذي يكبرها بأكثر من خمسين عاما فهو متزوج كما قال من ثلاث صغيرات قبلها ولديهن أطفال وأن والدها هو من عرض عليه الزواج منها ولم يجد في ذلك غضاضة، وكل هذه المعطيات تشير إلى الضرورة الحتمية لوجود نظام يمنع المأذونين والمحاكم من إبرام عقود الزواج لمن هن دون 18 سنة، فنظام كهذا سيجعل من يمارس هذا جهلا يتعلم، ومن يفعله طمعا في مال يبحث عن وسيلة أخرى للاستثمار، ومن يمارسه كيدا وانتقاما من نصفه الآخر يمارس مكايده بعيدا عن حديقة الأطفال.