دائما يتردد سؤال مهم عن دور أجهزة الرقابة الحكومية فيما يتعلق بصرف الميزانية وآلية ومستوى تنفيذ المشروعات وضبط الأخطاء المرتكبة فيها ومحاسبة المخطئين والمقصرين ومحاكمة الفاسدين. هذا السؤال تضخم بعد كارثة جدة وكتب كثيرون يسألون أين ديوان المراقبة العامة وأين المباحث الإدارية وأين هيئة الرقابة والتحقيق على اعتبار أن لكل منها دورا في ضبط الأمور ولابد أنها لاحظت أخطاء وكتبت فيها تقارير، أو أنها هي الأخرى مقصرة في أداء الواجبات المنوطة بها وتحتاج إلى رقابة. ديوان المراقبة العامة سبق أن أشار إلى وجود بعض الأخطاء والمخالفات المرتكبة في تقريره السنوي المرفوع للملك وشكا من عدم تعاون بعض الجهات مع إجراءاته ليؤدي دوره بموضوعية وحياد مطالبا في ذات الوقت بالدعم والمساندة، ويوم الثلاثاء الماضي قرأت تصريح مدير عام رقابة أداء الوزارات والمصالح الحكومية بالديوان محمد الرحيلي عن افتقار الديوان للوظائف الرقابية الهندسية التي تمكنه من مهمة مراقبة المشاريع حيث إن الديوان لا يوجد به سوى أربعة أو خمسة مهندسين يقومون بالمهمة على مستوى المملكة – الرحيلي لم يحدد العدد بالضبط على الرغم من تواضعه وفق ما نشرت \"الوطن\" نقلا عنه - والحقيقة أنه مهما كانت كفاءة هؤلاء المهندسين الأربعة أو الخمسة فإنه يصعب عليهم متابعة تنفيذ مشاريع الدولة كلها لا أثناء التنفيذ ولا بصورة لاحقة، وهذا يقود إلى سؤال عام عن جميع أجهزة الرقابة بما فيها الديوان حول كفايتها من الكفاءات البشرية التي تنفذ أعمالها الميدانية في جميع مناطق المملكة، ويجب على هذه الأجهزة أن تفصح عن هذا الأمر، لأن الحال لا تخرج عن أحد احتمالين، إما أن هذه الأجهزة كلها تفتقر لما تحتاجه من وظائف تقوم بتنفيذ مهماتها وواجباتها وبالتالي لابد من تلافي هذا العجز سريعا، وإما أنها مقصرة في أداء واجباتها المطلوبة منها ولابد من محاسبتها، طبعا هناك احتمال ثالث لا أستطيع تأكيده أو نفيه وهو أن هذه الأجهزة تقوم بواجبها خير قيام لكن لا يلتفت إلى تقاريرها التي لا تعلن، ولو أنها تعلن بوضوح ودقة لتبين مدى كفاءة هذه الأجهزة من تقصيرها، ولما تأخر إعلان الرحيلي عن افتقاد ديوان المراقبة إلى الوظائف الهندسية بشكل كاف حتى الآن. (الشفافية) مطلب ديني قبل أن تكون مطلبا حضاريا، وهي أنجع دواء لأمراض (السرية) التي تتناقض مع الثقة.