بالأمس القريب كانت الوفود العربية والإسلامية من علماء الأمة ومفكريها ، تغادر مطار عمان الدولي بعد مشاركتها في مؤتمر القدس دين وتاريخ الذي عقده المنتدى العالمي للوسطية ، هذه الوفود التي جاءت إلى عمان لتؤكد من خلال خبراتها العلمية والعملية على عروبة مدينة القدس ، و لتساهم في صنع هدية عمانية تهدى إلى الصامدين في المدينة المقدسة ، تفنيد المزاعم الصهيونية بأحقية اليهود في القدس هي المهمة التي أنجزها العلماء المشاركين في هذا المؤتمر ، نعم لم تتحرر مدينة القدس بعد انتهاء هذا المؤتمر ، ولن تحرر ولو عقد ألف مؤتمر ، لكنه جهد المقل الذي لا يملك من الإمكانيات سوى العلم والفكر ليسخرهما للدفاع عن أولى القبلتين ، لان تحرير الأقصى لا يأتي دفعة واحدة ، بل لابد من خطوات توطأ لهذا التحرير ، أول هذه الخطوات تحرير عقولنا من الخرافات التي أصبحت لدى البعض من المسلمات ، كعدم وجود مخلصين في الأمة الإسلامية قادرين على حشد الطاقات للدفاع عن قضية القدس ، وثاني هذه الخطوات إبقاء قضية فلسطين عامة والقدس خاصة حية في نفوس أبناء الأمتين العربية والإسلامية وتوريث محبة القدس للمسلمين جيلا بعد جيل ، وان غابت هذه القضية لبعض الوقت عن عقول الناس إلا أنها باقية في قلوبهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، لقد خرج المؤتمر بالعديد من التوصيات القابلة للتطبيق ، ومنها التبرع بدولار واحد لمدينة القدس ، هذا الدولار الذي لن ينقص شيئا من مال الغني أو الفقير على حد سواء ، لكنه سيعيد بناء بيت هدم في القدس ، أو سيدفع راتب موظف فصل من عمله ، أو سيداوي مريضا منعته قوات الاحتلال من السفر للعلاج ، أو ... أو ... إلى غيره من الأشياء التي سيقدمها إلى أبناء المدينة الصامدة يعزز صمودهم أمام حملة التهويد المنظمة والمدعومة حكوميا وقضائيا في الكيان الصهيوني ، والنبي عليه السلام يقول ( تصدق ولو بشق تمرة ) لأنه يعلم ان أهمية هذا الجزء البسيط من التمرة وخاصة إذا اجتمع مع غيره من الأجزاء ، ومن التوصيات التي خرج بها المؤتمرون ، دعم الدور الأردني الهاشمي في مدينة القدس ، هذا الدور القائم منذ عشرينيات القرن الماضي ، فلم يتبقى للقدس بعد الله إلا الهاشميين الذين اعتبروها كعمان فلم يبخلوا عليها ولا على مؤسساتها بأي دعم ماديا كان أو سياسيا . ان الجهاد بالفكر لا يقل أهمية ولا أجرا عن الجهاد بالمال أو النفس ، وانعقاد مثل هذه المؤتمرات يصنف على انه جهاد فكري من اجل قضية إسلامية ، فلا بد من دعم مثل هذه المؤتمرات ، لتبقى جذوة الجهاد الفكري مشتعلة في نفوس المسلمين ، لان خطر الاحتلال الفكري اشد من خطر الاحتلال العسكري .