بلاشك أن صدور قرار المحكمة الدستورية الكويتية بالسماح للمرأة الكويتية بالحصول على وثيقة السفر مع حق السفر بدون موافقة الزوج من القرارات التي أحدثت ضجة إعلامية على المستوى الخليجي، وأحدثت ردوداً غريبة من الرأي العام وأغلبها ضد المرأة بغض النظر عن مكانتها الاجتماعية والوظيفية وبغض النظر عن أسباب المطالبة برفع تلك الوصاية التي تسيء لمكانة الزوجة والأم كانسان له حق الاختيار وتقرير المصير . ونبارك للمرأة الكويتية على نقض هذا القرار القديم في الكويت منذ عام 1962م وعقبال السعوديات المظلومات مع أزواج ألغوا هويتهن الشخصية وذلك لأننا بحاجة أيضاً لتعديل بعض القرارات التي استغلت أبشع استغلال من العباد ضد الضعفاء منهم لأنها انطلقت من فهم خاطئ لسماحة الدين الإسلامي في مناداته بالتماسك الأسري ومنح كل فرد فيها حقوقاً وواجبات، خاصة أن كثيرا من العباد الظالمين جيروها لصالحهم ولصالح بطشهم وسيادتهم على وجه الأرض فيما يتعلق بشؤون الحياة الأسرية والزوجية , ولأن ضعفاء النفوس أيضاً من الرجال استغلوها لصالح التنفيس عن عقدهم التي أدت بأسرهم لأحوال سيئة وتسببت في اتساع مساحات الشقاق فيما بينهم . وعندما يكون ولي الأمر لايصلح لولاية الزواج، أو الحضانة،ولايكون عادلاً في نفقته على أهل بيته، ولايكون رحيماً مع أسرته، إلى غيرها من السلوكيات المؤذية التي يرفضها الدين الإسلامي ولايتحملها العقل البشري.. لابد أن يتم حرمانه من حق التمتع بالتصرف بمصير أسرته كما يحلو له، وأن لايتم منحه حق منع زواج بناته، أو خروج زوجته من منزل الزوجية بحثاً عن لقمة العيش لها ولأطفالها، أو حق منع أطفاله من التعليم واحتجاز أوراقهم الثبوتيه مما يحرمهم من خدمات كثيرة أهمها حقهم في العلاج والتعليم والسفر لو اضطرت الأم لذلك أو من ينوب عنها ! ولقد صادفتني قضية حساسة لأحدى الطبيبات وهي تمنع من السفر مع أبناؤها الذين تجاوزوا سن العشرين وهم في محطة السفر لأن والدهم الذي بينه وبين والدتهم منازعات آيلة للطلاق غير موافق على سفرهم معها وكأن الأم لا قيمة لها ولاحق لها في أبنائها ويتم شطبها من قائمة الأسرة لمجرد طلبها الطلاق من الأب !! هذا النموذج الذي يصادفنا باستمرار من ناحية ممارسة حق الولاية والأبوة بطريقة متسلطة يجب إيقافه ومنح الناس حرياتهم الشخصية خاصة ممن بلغوا سن الرشد وكانوا من المؤهلين لرعاية أنفسهم، وهناك من يرفض إضافتهم في وثيقة العائلة وتضيع عليهم سنوات طويلة من حياتهم بدون إثبات رسمي لنسبهم، وهناك من يراوغ ويلف ويدور حتى لا يستخرج لمن بلغوا سن الرشد بطاقة هوية شخصية، وهناك من يتحفظ على أوراق زوجته الرسمية من جواز سفر واثبات شخصية ويتركها تهيم على وجهها بدون هوية عندما ترغب بالانفصال عنه ! وقد يمنعها من السفر لأهلها وهم في دولة أخرى لسنوات طويلة! بل ويتسلط في التحفظ على أوراق أطفاله الثبوتية لسنوات مما يحرمهم من التعليم والعلاج إلا بشق الأنفس ويكون وضعهم مهدداً في أي لحظة !! بل والمؤسف في الأمر أن كثيرا من الحالات التي لجأت طلباً للمساعدة من الحماية الاجتماعية تكون المطلقة تعاني من عدم حصولها على المستندات الثبوتية لأطفالها مثل شهادة الميلاد أو بطاقة العائلة لأن الأب محتفظ بها ويرفض تسليمها أوراقهم الثبوتية وإن كانت مسؤولة عن رعايتهم بأمر من المحكمة ! لذلك فإن إبطال هذه القرارات لن يشعر بقيمتها في وقتنا الحاضر سوى من عاش تجارب متنوعة من الذل والحرمان لكثير من النساء المطلقات والمعلقات والمهجورات مع أطفالهن بل وأبنائهن الكبار والذين بالإمكان الاعتماد عليهم في شؤون الحياة بدلاً عن الأب كولي أمر ظالم وغير صالح للولاية والرعاية !