من يختار الكتابة يجد أمامه العديد من الطرقات والشوارع بعضها مأمون والآخر غير مأمون، وعليه إن اختار أن يكتب أن يختار الطريق الذي يرى أنه الأكثر مناسبة له كمن يسافر بين المطارات والموانىء. لكن الكتابة يجب أن تصب في تحقيق نفع عام يتحقق بالبحث فيما يعود على المجتمع بنشر فضائل أو كبح رذائل أو كشف حقائق . ليست الكتابة دقائق يصرفها الكاتب للتسلية أو لفتح قنوات تواصل، بل ليضيف قيمة يستفيد الناس منها بالحديث عن أمر له صلة بحياتهم وما أكثر هذه الأمور ذات الصلة بحياة الناس. كلما كانت الكتابة هادئة غير مثيرة كلما أحدثت أثرا يستقر على المدى البعيد، ذلك أن الإثارة تشعل فتيل العاطفة ثم ينطفىء الحريق سريعا دون أن يحقق دفئا أو يحدث ضوءا إلا لفترة وجيزة. والكتابة المتجردة لا تتأتي إلا بحياة متجردة لا ترتبط بمنافع ومصالح ولا تضيف مكاسب مادية أو غير مادية حتى تمنح من يكتب ما يحتاج إليه من حرية. أول درجات التجرد ألا يكتب بمقابل طالما أغناه الله بعمل يدر عليه دخلا، ويصبح الأمر لمحترفي الكتابة أمر ضرورة ومتطلبات معاش وهنا يغدو الحذر أكبر.. قد لا تغدو الكتابة أمرا سهل المنال لمن تحرر من المطامع والمخاوف ذلك أن هناك من لا يروق له بعض ما يكتب فيلجأ إلى ما يرى أنه يستطيع من خلاله إسكات نبض الحروف وحرارة الكلمات. الكتابة مسؤولية تحتاج إلى جرأة وحسن استعداد وتجرد تام.