الذين على رأس العمل الآن من الجنسين مصيرهم التقاعد إذا أطال الله أعمارهم، لكن الغالبية منهم لن يصلوا تلك المرحلة إلا وقد وهنوا، وأصبحوا عملاء دائمين للمستشفيات بسبب أمراض مختلفة أبسطها أمراض الشيخوخة، فكيف يتدبرون أمور علاجهم ورعايتهم الصحية آنذاك؟ هذا السؤال موجه للجميع، وبصفة خاصة لمؤسستي التقاعد والتأمينات الاجتماعية اللتين تقتطعان الآن نسبة شهرية من رواتب هؤلاء العاملين والعاملات في القطاعين الحكومي والأهلي، وحين يتقاعدون ينقص دخلهم كثيراً وتزيد مشكلاتهم الصحية، والمؤسستان تحرمهما من التأمين الطبي، فماذا يفعلون؟ الآن في المملكة نحو مليون وثلاثمئة ألف متقاعد ومتقاعدة معظمهم يعاني من السكري أو الضغط والكوليسترول أو بها مجتمعة، ومراجعة المستشفيات الحكومية تزيدهم أمراضاً بمواعيدها المملة الطويلة وخدماتها المتردية، والمستشفيات الأهلية تحتاج مصاريف لا تحتملها معاشاتهم التقاعدية، ومؤسستا التقاعد والتأمينات لا تؤمن عليهم صحياً فماذا يفعلون؟ ماذا يفعل المتقاعدون حالياً؟ وماذا يفعل القادمون إلى التقاعد سنوياً؟ فعددهم يزداد وأمراضهم تزداد، وتردي المستشفيات الحكومية يزداد، وغلاء المستشفيات الأهلية يزداد، واستثمارات وأرباح مؤسستي التقاعد والتأمينات تزداد، فمن يصلح الخلل الواضح في هذه المعادلة، ويحقق العدالة للمتقاعدين! الذين تقاعدوا، والذين في طريقهم إلى هذا المصير؟. إن إصلاح أوضاع المتقاعدين يحقق الطمأنينة في نفوس الذين مازالوا على رأس العمل، والطمأنينة هذه تقضي على الكثير من أمراض العمل السائدة سواء كانت أمراضاً روتينية أو أخلاقية، وهكذا فعلاج أمراض المتقاعدين ليس خدمة لهم وحدهم، إنه علاج غير مباشر لأمراض ومشكلات العمل، هذا عدا أنه حق لهم شرعاً ونظاماً وإنسانية، لكنهم محرومون منه حتى الآن.