مما لا شك فيه أن نظام التقاعد هام للفرد والأسرة والمجتمع سواء من الناحية المادية أو الاجتماعية، كما أن المعاش التقاعدي ليس هبة أو صدقة وإنما هو حق لصاحبه مقابل ما قام بدفعه من عوائد تقاعدية طوال سنوات خدمته ولعل من الصعب على المتقاعدين أن يأتي الوقت الذي تعجز فيه أنظمة مؤسستي التقاعد والتأمينات عن دفع المعاشات لمستحقيها لا سمح الله. هناك العديد من الأسئلة المطروحة عن مصير أموال المتقاعدين المدنيين والعسكريين، على سبيل المثال:- لماذا لا يكون هناك خيار للموظف أو الموظفة بالموافقة على الاشتراك في نظام التقاعد من عدمه؟ أليس من حق المتقاعدين أن يعرفوا ماذا يحصل لمدخراتهم واستثماراتهم؟ وهل مؤسستا التقاعد والتأمينات ها الوريث الشرعي للموظف والموظفة في حال بلوغ السن القانونية أو وفاة أحد المستفيدين عندما يستثمر ويتاجر في أموالهم من دون معرفتهم؟ لماذا لا يكون هناك إفصاح بصدق وإخلاص وشفافية لجميع استثمارات مؤسستي التقاعد والتأمينات الاجتماعية ومعرفة أنواعها وأين تستثمر؟ إن أنظمة بعض الدول لا تسمح لمؤسسات معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية لديها الاستثمار في مجال الأسهم والسندات وغيرها من مشتقات الاستثمار الأخرى لما فيها من خطورة على أموال المتقاعدين، وكم من مرة أصيبت هذه الأسواق بخسائر فادحة ونكبات سيئة أدت إلى خسائر جميع الأموال سواء المحلية أو الأجنبية. لذا يفترض مراجعة جميع أنظمه الاستثمارات في مؤسستي التقاعد والتأمينات ومعالجة سلبياتها والعمل على استخدام هذه الاستثمارات بشكل أمثل وآمن، والاستعانة بخبراء الاستثمار من أبناء هذا الوطن المعطاء لرسم السياسات والاستراتيجيات الاستثمارية المتخصصة والابتعاد عن الاستثمارات ذات المخاطر العالية والاستثمار في قنوات استثمارية مأمونة مثل إنشاء المستشفيات والمشاريع الصناعية والتعليمية والتقنية. إن مؤسستي التقاعد والتأمينات بدأت التركيز في إستراتيجيتها الاستثمارية على المشاريع العقارية وبخاصة المشاريع المحلية لمؤسسة التقاعد مثل مشروع مركز الملك عبدالله المالي ومشروع مجمع تقنية المعلومات والاتصالات بالإضافة إلى برنامج مساكن، لذا من المفترض أن توضح مؤسسة التقاعد حجم هذه الاستثمارات والالتزامات التي عليها ومراكزها المالية. أخيراً يجب على مؤسستي التقاعد والتأمينات طمأنة جميع المتقاعدين من مدنيين وعسكريين وموظفي القطاع الخاص الذين خدموا بلادهم وقدموا لها أفضل سنوات عمرهم بأن استثماراتهم بأيد أمينة، والسعي إلى تحسين أوضاعهم المالية والمعيشية ومنحهم علاوة سنوية لمساعدتهم على تكاليف غلاء المعيشة، وتقديم العلاج المجاني لهم ولأسرهم والمساعدة في تقديم التمويل اللازم للحصول على السكن المناسب بأقساط ميسرة من مردودات استثماراتهم كل ذلك في ضوء القرارات الحكيمة التي تتخذها حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للاهتمام والعناية بالمتقاعدين وأسرهم أسوة بمن هم على رأس العمل. *مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية