العيد مهرجان الضوء والأطفال.. عبث الحلوى والفساتين المشجرة. العيد احتدام الفجر في عيون الصغار.. اختصار الكائنات الجميلة في شفتي طفلة تحمل حقيبتها المتدلية من كتفها الغض لتجمع العيدية من كل الوجوه المضيئة! وتملأ الطرقات ركضا وضحكا وصهيلا. العيد هو ذلك المخبوء في (تأتأة) طفل طائش الخطى فاتح ذراعيه للحياة والأغاني والصباحات الطرية.. المملوءة بالأناشيد الفواحة! هذا هو العيد الذي كان.. هذا هو الرجل الذي غادرنا منذ سنين ولم يعد! تخيلوا.. كل صباح ننتظره على الطرقات وعلى شرفات المنازل «على أحفاف العنب والتين» ولا يأتي! نحلق ذقوننا ونلبس له أبيض الثياب ونسكب كمية كبيرة من العطر الباهظ.. ولا يأتي! نقدم ضحكات أطفالنا وابتهاج حبيباتنا قربانا لقدومه ولا يأتي! نتقرب إليه بالذبائح والروائح والمدائح ولايأتي! ودون سابق «أمطار».. غامت السماء. وهرب منا وأخذ طعم الحلوى حتى فقدت الحلوى مذاقها! هرب منا واسترق من الشفاه ورودها.. ومن الحياة وعودها.. ومن الفرحة وجودها. هرب فجأة قبل عدة سنوات وأخذ معه المطر والأغاني والأماني وأخذ معه «ضحكات الصبيان وأغاني زمان» هرب فجأة وخلف لنا التعاسة والإحباط! وأهدانا أسرابا من طيور الكآبة التي تشرع في بناء أعشاشها على رؤوسنا صبيحة كل عيد! ونتساءل بمرارة حارقة لماذا تركنا ومضى؟! ربما.. لأننا خيبنا كل ظنونه وآماله! نرتدي أبيض الثياب وملابسنا الداخلية حالكة السواد! نصطنع الابتسامة والضحك الفارغ وأرواحنا خاوية متعبة! نتبادل التحيات ونمضغ وجوه بعضنا البعض بكل مضض وبلاهة! والمأساة.. أن الأطفال أيضا فقدوا بهجة العيد! الأطفال الذين مايزالون يشترون حلاوة العيد.. مع أن العيد قد فقد (حلاوته) منذ زمن! ماذا بقي لنا لنبتهج به؟! ماذا بقي يستحق لأن نعيد عليه؟! أيها الأصدقااااااااااء.. من المااااااااااء إلى الماااااااااء أنا لست متشائما.. بقدر ما أنا موضوعي! ولكنها الحقيقة وإن أبكت.. وأوجعت! وإن تظاهرنا بغير ذلك.. فنحن نضحك على أنفسنا.. ونخدر مشاعرنا بكبسولات الوهم.. ويكفي!. ...... إلى كل الأحبة والأصدقاء كل عام وأنتم عيده الحقيقي.