أكدت الدراسات الطبية: أن فوائد الصوم لصحة الإنسان وسلامة بدنه كثيرة جدا، وأهمها ما يتعلق بالحالة النفسية للصائم وانعكاسها على صحته، حيث إن الصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والعاطفية وتقوية إرادة الصائم ورقة مشاعره وحبه للخير، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول العدوانية وإحساسه بسمو روحه وأفكاره، وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته وزيادة تحملها للمشكلات والأعباء. ولكن عندما تترقب أحوال الناس في نهار رمضان تظن أنك تقرأ دراسات تقام في الأرض، وأنت في كوكب المريخ! وهذا عطفا على الوجوه (المكرشمة) التي تقابلك في الدوائر الحكومية أو عند إشارات المرور أو حتى أمام محل صاحب الفول الذي ينتعش سوقه في مثل هذه الأيام! وإذا كانت من مقاصد هذه الشعيرة العظيمة هي الصوم عن الكلام البذيء والقول الفاحش إلا أنك تصطدم بعقليات غريبة ومريبة وهي تقذف على بعضها حمم أفواههم المتنافية مع عظمة هذه العبادة الروحانية المتسامية، وقد يكون السبب تافها.. كأن (يسقط) أمامه في ( السرا ) على (حبة تميس) أو (كيس سوبيا)! ومع أن الأبحاث الطبية تبرهن على عمق الحديث النبوي الكريم الذي يقول: (صوموا تصحوا)، إلا أن الواقع يقول عكس كذلك، فما أن تضع (سفرة الإفطار) أوزارها حتى تدق طبول الحرب ليبدأ مسلسل القصف على (المعدة) الآمنة المطمئنة ويبدأ هذا المسلسل متزامنا مع مسلسلات محلية باهتة وخليجية بائسة تفتقد للحد الأدنى من مقومات العمل الفني الناضج.. إن عملية الهدم والبناء التي تقوم بها خلايا الجسم خلال عملية الصوم كما يقول الأطباء لهي أعظم علاج للعديد من الأمراض، إلا أن الأمراض الشوارعية التي لا نراها إلا قبل الإفطار من تجاوز الإشارات والسرعة بشكل جنوني والوقوف العشوائي وما يرافق كل هذه المظاهر السلبية من شتم وسب وتقطيب الحواجب وتلويحات الإيدي المتلهفة لحفلة الشجار، أقول إن هذه الأمراض إذا لم تستطع هذه التجربة الروحية العميقة أن تعالجها ليبقى الإنسان المؤمن متصالحا مع ذاته قبل أن يكون متصالحا مع الآخرين على أقل تقدير.. فما جدوى أن يترك طعامه وشرابه ؟!، ويكفي.