استطاعت أمانة جدة أن تستعيد نحو ستين مليون متر مربع من الأراضي المعتدى عليها، وقدّر عقاريون كما نشرت بعض الصحف أمس قيمة هذه الأراضي بنحو ثلاثمئة مليار ريال. وهذه التعديات قديمة بعضها بصكوك غير رسمية\"ترجمتها مزورة\" وبعضها بدون. وقال سمير باصبرين رئيس لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات بمحافظة جدة إن معظم تلك التعديات كانت في وادي جعال، وطريق عسفان، وطريق خريص وذهبان، والخمرة وطريق الليث جنوباً. الأمانة لم توضح الآلية التي اتبعتها لكشف هذه التعديات القديمة أما أسلوب استعادتها فواضح وسهل على الرغم من كثرة الضحايا الذين ربما استغفل بعضهم نصاب كبير وباع عليهم فخسروا ما دفعوا، وبعضهم وضع يده مع من وضع فلم يخسر شيئاً سوى أحلامه. وعندما أسأل عن الآلية التي اتبعتها الأمانة فلأن هناك إعلانات تنشر عن مخططات جديدة يبدو أنها بدون صكوك نظراً لأسعار أراضيها الزهيدة وأحدها تأكدت بنفسي أنه بدون صك، وكتبت عنه منتصف الأسبوع الماضي، وما زالت إعلاناته المغرية تنشر تباعاً، وهو كما يقول إعلانه يقع على طريق مكةجدة الشعيبة مما يعني أنه تابع لأمانة جدة أو أمانة مكة، ولعل إحداهما تستعيده من الآن، إلا إن كانت خطط استعادة التعديات تتطلب الانتظار حتى تتحول إلى أحياء سكنية على غرار العشوائيات التي بدأ تنفيذ خطط معالجتها. ومنذ يومين نبهني صديق إلى إعلان يتكرر في بعض الصحف مصدره مصلحة أملاك الدولة في وزارة المالية، والإعلان يحذر من ظاهرة الإعلانات في بعض الصحف ومرفقاتها الإعلانية عن عروض ببيع قطع أراض عائدة لوزارة المالية في ضواحي مكةالمكرمة مملوكة للدولة بصك شرعي، وإعلان المالية يحذر من التعامل مع هذه الإعلانات الصحفية، ويتوعد كل معتد بتطبيق الأنظمة والتعليمات. ولدي سؤالان لمصلحة أملاك الدولة بوزارة المالية، الأول: هل لدى المصلحة آلية لمراقبة أملاك الدولة غير هذا التحذير؟ وهل تتصور المصلحة أن المعتدين على هذه الأراضي سيذهبون طائعين مختارين إلى فرع وزارة المالية بمكة أو أي فرع للوزارة بأي منطقة يسألون إن كانت هذه الأراضي التي استولوا عليها أو ينوون الاستيلاء عليها عائدة لمصلحة أملاك الدولة أم لا؟ أما السؤال الثاني فهل الأراضي الواقعة في حرم الطرق التي تربط بين مدن ومحافظات المملكة، غير المملوكة بصكوك شرعية لمواطنين تعود إلى أملاك الدولة، أم إنها أراض مشاعة متاحة لكل من يرغب في إحيائها وامتلاكها؟ إن قضية التعديات من القضايا الخطيرة جداً وما لم تتضافر جهود كل الجهات المعنية فإنه يصعب إيقافها، وأعتقد أن أمانة جدة وقد استعادت هذه الستين مليون متر يمكنها تتويج نجاحها بتخطيطها وتوزيع الفائض منها عن حاجة المرافق والخدمات منحاً للمواطنين وأن تقوم وزارة البلديات بتعميم هذا الأسلوب على بقية الأمانات في المملكة. فلعل أسلوباً كهذا يساهم في كشف المزيد من التعديات بتعاون المواطنين، ويقلل أعداد المنتظرين لمنح الأراضي قريباً من المدن.