جرى أمس توقيع إنشاء كرسي خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحسبة بين جامعة الملك سعود وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي خطوة رائدة في تأصيل عمل هو من بين ثوابت الإسلام، بل هو المعلم الرئيس في أن هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). البحث العلمي الرصين يفتح آفاق المعرفة ويقطع الشك باليقين ويقيم أسسا لقرارات يحتاج من يتخذها إلى المنهج العلمي، لا إلى اجتهادات فردية قد تكون أضرارها أكبر من منافعها. الجامعة قادرة إن هي وفرت الكوادر المناسبة على أن تشد من أزر الهيئة بأبحاث في سلوك المجتمعات وما يؤثر فيها وكيف يمكن التعامل مع الظواهر المؤدية إلى تحولات في السلوك الاجتماعي، كما يمكن أن ترشد إلى أفضل السبل لنشر المعروف وتحبيب الناس فيه، والى إنكار المنكر والتنفير منه، والمجال واسع بالدراسات الإحصائية والإعلامية والاجتماعية والنفسية والدينية. والهيئة قادرة على أن توظف الكرسي ليكون مرجعا في كثير من القضايا التي هناك اختلاف في الآراء حولها، ومن ذلك على سبيل المثال السينما وممارسة النساء النشاط التجاري في الأسواق العامة إلى جانب الكثير من القضايا ذات الشأن العام. هناك ما يشبه لعبة شد الحبل بين الهيئة وجهات حكومية وبعض الكتاب حول قيام المرأة بمهمة البيع، وأكثر المنادين بذلك هم الذين شاهدوا من يقوم بالبيع الآن وخاصة للملابس والمستلزمات النسائية وما يفضي إليه ذلك من منكرات هي أكبر بكثير من قيام سيدات بهذا النشاط، ومن يمر أمام بعض أكشاك بيع الإكسسوارات النسائية في ممرات المراكز التجارية يسمع كلمات التحرش حتى ببنات دون العاشرة من كثير من هؤلاء البائعين الذين لا تكاد تجد فيهم مواطنا واحدا. ماذا لو تركت هذه المجالات لنساء يتم اختيارهن بمعايير الرشد والإنصاف كي لا تقع منكرات أكبر، وتوضع الأسس التي توفر الضوابط الشرعية، بدلا من فتح أبواب الشر واسعة أمام شباب يقتصر عملهم على البيع لفتيات وسيدات في مستلزمات هي من أخص خصائص المرأة التي ربما لا يعلم عنها حتى زوجها. في احتفالية الكرسي أمس طموح إلى أن يغدو البحث العلمي الرصين وحده أحد أهم معالم صرح حسبة متين، ليضيف قوة إلى قوة وحكمة إلى حكمة.