إن تحدينا للآخر لن يكون إلا بفهمه، والإفادة منه، لأن إحساسنا بطهوريتنا ، ونقائنا ، واستعلائنا، ونحن نستجديه في كل شيء ، صفة العائل المستكبر، ولأن كراهيتنا له ستحجب عنا (خيرا كثيرا مستورا بأسوار الكراهية). والغرب اليوم يملك التقنية ، والإعلام، والسلاح ، والاقتصاد، وأنظمة الإدارة، والحكمة تقتضي المبادرة إلى معرفة ما لديه ، فلا نفوت الفرصة السانحة؛ لكي نملك سلاح تكنولوجيا المعلومات، بعد أن فرطنا في تكنولوجيا الردع النووي. ولا شك أن الغرب اليوم يحشد كل إمكاناته للاستحواذ على مقدرات العالم ، ومن أهمها عقول أبناء العالم الثالث ؛ ليظل يرسف في تخلفه وانحطاطه ، وما البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية ، والشركات متعددة الجنسيات، وغيرها من المؤسسات الاقتصادية إلا وسائل الإمبراطورية الجديدة لنهب ثروة العالم ، وامتصاص دماء أبنائه الذين فرطوا في أن يعدوا لهذه المنازلة الكبرى عدتها . وكما تكمن التحديات في الاقتصاد والتقنية ، فإنها تكمن في الجانب الثقافي للعولمة ، من خلال التعدي على الهوية ،حيث تفرض العولمة ثقافتها التي تسعى إلى تهميش الدين ، وتسعى لإحلال الاقتصاد محله ، كما تسعى لتذويب مفهوم الوطن من خلال ، محو مفهوم الدولة القطرية ، وتخلع الفرد من أسرته، والأسرة من قيمها الدينية ، حين تشيع ثقافة المتعة ، وتعال إلى حيث النكهة. ويكفي أن تكون الثقافة الأمريكية تشكل اليوم بحسب استطلاع منظمة الأممالمتحدة للعلوم والتربية والثقافة (اليونسكو) 75 % من الثقافة في أوروبا وحدها. وأنها لديها عشر شركات إعلان تستحوذ على 80 % من سوق الإعلان الذي تبلغ قيمته 330 مليار دولار سنويا. وأن أكبر 4 وكالات أنباء عالمية تستحوذ على 80 % من المعلومات .وما يوجد من معلومات على شبكة الإنترنت 93 % منه باللغة الإنجليزية. والتحدي الثاني: يكمن في إسرائيل هذه الشوكة المغروسة في خاصرة الأمة، فقد قطعت أشواطا مذهلة في الاستعداد لهذا القرن ، من خلال ترسيخ الثقافة العلمية لدى أبنائها ، فأصبحت تملك أكثر من 200 رأس نووي. وأصبح خريجوها من الجامعات حتى عام 1998م 240000 خريج 20 % منهم يعملون في الأبحاث العلمية .وبلغ عدد الطلبة المسجلين في الدراسات العليا في العام نفسه 80000 طالب . وتعد إسرائيل الدولة الأولى في العالم في عدد حاملي الشهادات العليا في العلوم الطبيعية قياسا إلى مجموع السكان. ونظام التعليم لديها شديد الانفتاح على النظم التعليمية في العالم، ولديها تواصل وتبادل علمي مع جامعات العالم، وتعليمها العالي يعجز عن استيعاب حملة الدكتوراة مع سعته الهائلة. ولديها مدارس ثانوية خاصة بالطلاب ذوي الميول البحثية والتفوق العلمي . وخير دليل على تميز الإعداد المعرفي ، والمهاري للطلاب في إسرائيل كثرة العلامات التجارية المسجلة باسمها ، وعدد براءات الاختراع ، والبحوث العلمية المنشورة ، فهي الدولة الأولى في العالم في نشر البحوث العلمية قياسا لعدد السكان فهناك 11,7 لكل 10000 مواطن. وفي عام 1995 م نشر العلماء الإسرائيليون 10206 أبحاث في حين نشر العرب مجتمعين 6658 بحثا . وأنتجت الجامعة العبرية من البحوث العلمية مثل ما تنتجه جميع الجامعات العربية ويكفي أن يكون لديها ثلاث جامعات من أعظم 500 جامعة في العالم كما أشار تقرير تاريخ العلم الذي أصدرته اليونسكو في العام الماضي ، في حين لا نجد فيه ذكرا لأي جامعة عربية أو إسلامية. وحين حصل العرب على 24براءة اختراع ( نصفها للمملكة ) عام 1995م حصدت إسرائيل 577 براءة اختراع وكانت الدولة الرابعة في العالم.وأصبح عدد العلماء والمهندسين العاملين في التنمية عام 2001 م 59690 عالما بحسب تقرير التنمية البشرية للعام 2003. ولديها معهدان مرموقان هما معهد (وايزمان) و(تيكنون) يغطيان البحوث العلمية في التكنولوجيا النووية – التكنولوجيا الحيوية – البيولوجي الجزئية – تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي – بحوث الطاقة – بحوث زراعة الصحراء – بحوث اللسانيات – بحوث الطب والدواء - ، وفي مجال تكنولوجيا المعلومات لديها عدد من الأقمار الفضائية ، وهي الدولة العشرون في عدد المواقع على شبكة المعلومات العالمية ، ولديها 100 شركة في بورصة نيويورك للأوراق المالية المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات nasdaq.