أسلفت في مقال الأسبوع الماضي وقد تكلمت عن صحافتنا وبمنتهى الشفافية والوضوح , الصحافة أو كما يطلق عليها السلطة الرابعة تمارس دوراً إعلامياً بارزاً فهي لسان المجتمع نحو السلطات المختلفة , كما أنها تعتبر منبراً للمواطنين للتنفيس عن همومهم وشرح مشاكلهم كما أنها إحدى أهم واجهات الوطن الإعلامية إن لم تكن أهمها إلا أن هذه المهنة النبيلة قد تعترضها بعض نقاط الضعف , ومهنة الصحافة في عالمنا العربي بوجه خاص غير ذلك تماما ، فهي مهنة الجد والكد ، الشقاء والمعاناة ، السهر والقهر والألم في أحيان كثيرة , فهي في عالمنا العربي ليست هي السلطة الرابعة (كما يُفترض لها أن تكون) فهي التي تراقب وتحاسب ، وتنتقد وتوجه ، وتنقل رأي الشعب وتعبر عن آماله وطموحاته وأمانيه ، وتفتح عيون الناس على السلطة والحكم ، وتكشف عمليات الفساد التي قد تحدث في أجهزة الدولة , وهذا تعترضه صحافة المناطق التي اقتصرت على حدودها كأن المدن الأخرى ليس لها اهتمام أو لها أهلها ليتكفلوا بأخبارها وإخبار ساكنيها بأخبارهم , كأن تقوم صحف المنطقة الغربية أو الوسطى بتغطية أخبار منطقتها فقط دون الالتفات إلى أخبار باقي البلاد وإن كانت خارج نطاق الإقليم الذي تنتمي له , فكرة صحافة المناطق فشت بشكل واضح في بلادنا في الفترة الأخيرة وهذه الظاهرة السلبية قد تفقد الصحافة في بلادنا المصداقية والجمالية التي عرفت عنها , كما أن هذه الظاهرة لم تعرف طريقها إلى أغلب بلدان العالم المتفرقة , وأتت الصحف الالكترونية لتزيد من العلل المتتابعة على صحافتنا , والتي لا حسيب عليها ولا رقيب ولا يعرف مصادرها . ولكن ... العمل في الصحف الالكترونية على النطاق الفردي أي ليس هناك مؤسسة ترعاه وتهتم به لأنه لا يعود بالربح المادي الكبير عكس الصحف الورقية المطبوعة , والذي أود من صحفيي هذه البلاد المباركة أن يحتذوا حذو الصحفي الأوروبي الذي يجوب القارة العجوز ليسجل بذلك سبقاً صحفياً لصحيفته التي يتنمي إليها لتنفرد بالخبر دون غيرها من منافسيها حيث لا توجد هناك صحف مناطق , هذا يدعو إلى التخلص من تلك العادة السلبية وأن يتعلم منسوبو الصحف في بلادنا بأن عليهم البحث عن الأخبار في شتى بقاع الوطن لأن جميع مناطق المملكة غالية على قلوبنا من غربها إلى شرقها و من شمالها لجنوبها عوضاً عن الراحة والدعة والجلوس في المكتب, لذا يستوجب منا العمل الشاق والدؤوب ويتطلب من الصحفيين مزيداً من الشجاعة والجد والعطاء والبذل والسهر حيث إن الصحافة ليست بالأمر الهين ولا باليسير كما يتصوره البعض , وحتى لا تتحول مهنة البحث عن المتاعب إلى مهنة البحث على المكاتب . والله من وراء القصد ,,,