يشكو كثير من المواطنين والمقيمين من حقيقة غياب المعلومة عندما يتعلق الأمر بقضاء حوائجهم عند معظم الدوائر الحكومية في بلادنا الغالية. وكانت إحدى استراتيجيات التغلب على قوائم الطلبات التي لا تكاد تنتهي الاستعانة بحقيبة محشوة بكل ما يخطر على البال من أوراق ووثائق أصلية ومصورة والتزود بدرزن من الصور الشخصية، ولا بأس كذلك بصور للجدة العاشرة التي تآكلت عظامها قبل عقود من الزمان، فلربما ولعل وعسى. لكن هذه الاستراتيجية تخفق تماماً عندما لا تدري أي وجهة توليها أيها المراجع، الموقع (أ) في ذلك الحي، أو الموقع (ب) في حي أبعد وفي اتجاه معاكس. ومثال ذلك إدارة الأحوال المدنية التي انفطرت إلى جزءين لا تدري أيهما يقدم الخدمة التي يرغبها هذا المواطن أو ذاك، وأيهما يخدم الرجال وأيهما للنساء حتى على مستوى الخدمة نفسها. وهذا مقيم يشكو معاناته مع (مشروع) تجديد رخصة قيادة السيارة، إذ يقول: (ذهبت إلى مبنى دله كالمعتاد مزوداً بالصور والملف «العلاقي» الأخضر، وبعد تعبئة النموذج وفحص النظر، طُلب مني الذهاب للمرور فسألت: أُمال إحنا فين؟ فأجابني موظف الاستعلامات بأن عليه التوجه إلى مرور الصحيفة، وعند خروجي قال لي جندي آخر اذهب إلى مرور الصفا. وبعد إجراء القرعة الذهنية قررت الذهاب إلى مرور الصحيفة، وعند وصولي قالوا لي عد إلى مرور الصفا. قلت لهم كيف السبيل إلى وصاله! المهم بعد معاناة وصلت إلى مرور الصفا، الذي سألني: هل عملت بصمة الوجه، قلت مستغرباً: ما طُلب مني ذلك من قبل، فوُجهت إلى مبنى دله مرة أخرى لأخذ البصمة العزيزة. وأثناء وقوفي في الطابور في عز الظهر، خرج علينا جندي، طالبا منا الذهاب إلى جوازات بن لادن لأن الجهاز هنا «خربان»، وهناك سألني الجندي عن جواز السفر، فقلت: عند الكفيل، فطلب مني إحضاره..). فيلم هندي طويل ومعقد! والسبب أن لا معلومة واضحة مكتوبة بالطلبات أو على موقع إلكتروني أو عبر خبر في صحيفة. حلول كلها سهلة وغير مكلفة لكن لها دلالاتها الحضارية والثقافية الكبيرة.