الثقة الزائدة هي سذاجة كاملة... وهذه السذاجة الكاملة أوقعت أسرتين في فخ نصابين أفريقيين، وعندما "دقت ساعة العمل، وراحت السكرة، وجاءت الفكرة اختفى النصابان كأن الأرض انشقت وبلعتهما أو كأنهما فص ملح وذابا كما يقول المثل الشعبي". الأسرة الجداوية وصلتها أخبار عاجلة بأن "شيخاً افريقياً" يعالج حالة ابنتهم التي ولدت وهي لا ترى الدنيا فحزمت أمرها، واستدعت "الشيخ الدجال" ومرافقه. دخل الدجال "منفوش الصدر" يتمتم بشفتيه، ويحرك يديه، والمرافق خلفه يسير صامتاً، خافضاً رأسه كأن حبلاً مربوطاً بينه وبين الدجال الأول. جلس الدجال في صدر المجلس وبدأ الرجل الذي استدعاه، والمرأة من خلف الباب يسردان ظروف البنت، والدجال يستمع بهدوء شديد، وفجأة سأل الرجل، والمرأة سؤالاً مفاجئاً لم يخطر على البال: عندكم ذهب... وتولت الزوجة الرد: ايوه عندنا.. وبصوت جريء قال الدجال: هاتوه.. "وأقنعهم أنه سيقرأ على الذهب، ويتركه لديهم، وبعد أسبوع ستشفى ابنتهم تماماً".. وأخرجت الزوجة الذهب من الدولاب "قيمته إذا صدقت الرواية حوالي ثلاثين ألف ريال".. ووضعته أمام الدجال ليقرأ عليه: وفجأة أطلق الدجال سؤالاً أقوى من الأول: هل أنتم واضين؛ وطلب منهما الوضوء، والصلاة ركعتين، وخلال الوضوء، والصلاة نفذ الدجال ما يريد. وسلمهما "علبة المصاغ" وطلب من الأم ألا تفتحها إلا بعد اسبوع. ولسبب، أو آخر قام الزوج بفتح العلبة قبل الموعد ب 48ساعة فإذا الذي داخلها "مصاغ فالصو" فقد كانت فترة الوضوء، وفترة الصلاة كافيتين لتنفيذ عملية التبديل، والتغيير "من ذهب حر، إلى ذهب مغشوش"... وهذه حكاية - ساذجة - أخرى وقعت في المدينةالمنورة، ورواها أحد الزملاء... قال إن أسرة طيبة اصطادت من السوق دجالاً من هؤلاء الدجالين الذين ينتشرون نتيجة نقص الوعي، أو غيابه... وتمت عملية الاصطياد - كما يقول الزميل في وضح النهار - وجرت مفاوضات سريعة بين الأسرة، والدجال على علاج ابنهم، وبعد الجلسة الأولى، أو في نهايتها سألهم سؤالاً محدداً، وواضحاً، وبطريقة مختصرة: هل لديكم فلوس نقد فأخبروه بأن ما يملكون في البيت لا يزيد على خمسين ألف ريال "هي حيلتهم" لأي طارىء فطلب منهم "إحضارها أمامه" وعلى وجه السرعة لأنه يرغب في القراءة عليها باعتبارها هي سبب مرض ابنهم. وفي "لمح البصر" تم إحضارها للدجال الذي بدأ يتلو عليها، أو يتمتم عليها، وفي "لمح البصر" قام بعملية الاستبدال، والتغيير فوضع مكان "النقد السليم ورقاً أبيض" وطلب من الأسرة أن تفتح الشنطة السمسونايت لتتأكد - من فلوسها - ثم جرى قفلها.. وبعد وصول الأسرة إلى البيت راودت أحد الأفراد الشكوك فعاد لفتح الشنطة من جديد، وكانت المفاجأة ان الفلوس "مضروبة" عبارة عن ورق أبيض خالص تعلوه ورقة حقيقية..؟ والحكايات - من هذا النوع - كثيرة، ونظراً لأننا نعيش في أيام الحملة الوطنية الرابعة للتوعية الأمنية - المرورية فإنه يجدر بأفراد المجتمع أن يتنبهوا لهذه الشعوذات لحماية أنفسهم من شرورها، ويجدر بوسائل إعلامنا أن - تكف - عن نشر قصص بعض المشعوذين في شفاء الأمراض المستعصية وخلافها لأنها تفتح الباب لطريق الشعوذة الشاملة.