يحظى الغزاويون في الارض المحتلة بحظ عاثر، فكان قدرهم حمل وزر تبعات هذا التردي منذ عقود من الزمن الغابر، الذي دفع بهم الى اتون المواجهة مع عدو لا يرعوي في ارتكاب كل حماقات السلوك البشري السادي ، مدعوما بآلة عسكرية دُفعت الى التطور من قبل القوى العالمية ، تحت انظار الرقابة الاممية والشرعية الدولية ، وبرعاية وحماية مطلقتين من عرابي السياسة القارية ، وكان آخر فصول هذا التاريخ المأسوي لهذا الشعب الذي انهكه الصلف السياسي لفصائل العمل الفلسطيني من جهة ، وتجاهل الاسرة الدولية لمعاناته من جهة اخرى ، هو ان يخرج الجلاد على الضحية بلائحة اتهامية تنقله الى موقع المذنب ، فما يثير السخرية لكل ذي لب ، هو ان يقوم الجيش الاسرائيلي الذي مارس انواعاً شتى من الابادة بوسائل حُرمت دولياً على كل آلة عسكرية لا تحمل شعار النجمة السداسية ، بنصرة العدالة الدولية بتولي التحقيق نيابة عن الاممالمتحدة ومحاكم العدالة وجرائم الحرب العالمية وتقصي الحقيقة الغائبة في حملة الابادة التي تعرضت لها تلك الاجساد البشرية في هذا القطاع المنكوب، فيخرج الى الملأ ذلك العسكري المتعصب للمنهج الاسرائيلي في الصلف الاعلامي الممجوج ( اوفير جندلمان )المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي ، ليعلن وفق النظرية الاسرائيلية براءة العسكرية الاسرائيلية من الجريمة في هذه الحرب الاحادية ، حتى ان الفوسفور الابيض المحرم دولياً ، كان بردا وسلاما على الغزاويين ، وان ضحايا هذا التطهير العرقي من الفلسطينيين هم المذنبون ، فنتائج تحقيق الجيش اثبتت براءة الجيش ، يالها من حقيقة لا يمكن اكتشافها الا من قبل العدالة الاسرائيلية فحسب ، فقدر هؤلاء الضحايا انهم فلسطينيون كانوا يعيشون تحت مجال طيران المقاتلات الاسرائيلية ، ولم يغفل هذا المتحدث الاشارة الى اخطاء الاصابة في الآلة العسكرية ، دعماً لموضوعية التحقيق ، كيف لا طالما ان المقصود والمصاب هم فلسطينيون ، فالخطأ هنا يماثل الصواب ، ويبدو ان خروج هذا التقرير الذي يفترض تقديمه للقيادة الاسرائيلية لتقييم ادائهم في المعركة وليس للرأي العام العالمي في هذا الوقت بالذات ، هو استباق ساذج في نظر العدالة الانسانية لما تقدم به بعض المحامين النرويجيين في مذكرتهم الداعية الى محاكمة قادة الكيان الاسرائيلي فيما ارتكبوه من جرائم حرب ، حاول الناطق الاسرائيلي حجبها بغربال غطرسته الاعلامية ، لكن الحقيقة يجريها المولى جلت قدرته على لسان من يحملها ، فشهادة (مادس جلبرت ) وزملائه الذين رأوا وسمعوا الحقيقة بجوارحهم هل ستأخذ بها العدالة الدولية في (لاهاي)؟ مع تزكيتها صوتاً وصورة لمساحة الابادة العنصرية للآلة العسكرية الاسرائيلية في غزة ، وهل سينبري السيد (لويس مورينو اوكامبو) ليعلن للشعوب المستضعفة قرار ادانة قُضاة العدالة لمجرمي الحرب الاسرائيليين ؟ وهل سيتوعدهم بالملاحقة القانونية عند مغادرتهم اسرائيل.