عندما ظهر مصطلح السياحة الداخلية في الخطاب الاعلامي الوطني كان من الصعوبة بمكان التعامل الشعبي مع هذا المفهوم الذي وثب الى المجتمع السعودي من افرازات الحضارة الغربية ومن دار في فلكها من المجتمعات العربية والاسلامية ، وبدت الصورة في حينها وكأننا نحتل مساحة من الكون لا يشاطرنا فيها احد ، ولا نلتقي ولا نتقاطع مع اي خطوط او دوائر جغرافية او ثقافية اخرى ، ورويداً رويداً بدأ هذا المصطلح يغزو تعاملاتنا اليومية ، وبات من المألوف ان يستوطن لغة الحوار الاعلامي والثقافي ، ولعل من نافلة القول إن هناك مجهودات لا يمكن تجاهلها لبعض مناطق المملكة في المجال السياحي ، بدأت برغبة وطنية صادقة في تأسيس حركة سياحية وطنية استثماراً لمقومات سياحية طبيعية جميلة ، قد ساهمت في صياغة ذلك المفهوم الجديد ، بيد ان قيام الهيئة العامة للسياحة والآثار كان خطوة هامة في تأطير ذلك ادارياً واعلامياً وميدانياً على مستوى المملكة العربية السعودية . فلقد ساهم قيامها في صياغة قوانين وانظمة العمل السياحي ، وكذلك منهجة الخطاب الاعلامي بمفرداته السياحية ، كما كان من صواب الرأي ضم شؤون الآثار الى السياحة ، فأصبح كل جانبٍ منها داعماً للآخر ، فأضحى المستقرئ للمستقبل السياحي يلحظ في الأفق قيام صناعة سياحة سعودية ، وتوطين للفكر السياحي يعتمد على مخزون هذه البلاد من ما منحها المولى جلت قدرته من جمال متنوع لطبيعةٍ ساحرة ، وما تكتنزه من اثارٍ لتأريخ أمةٍ عظيمة ، استطاعت ان تبني مجداً نقرأه في ثنايا آثارهم ، ولاشك ان ما لدى الهيئة من خططٍ واستراتيجيات يُنبئ بقيام عملٍ وطنيٍ فاعل على خارطة السياحة السعودية ، مستفيدةً من تجارب البلاد التي سبقتنا في مجال توطين السياحة ، مما يقلل من سلبيات التجربة ويعزز فرص النجاح . ولا يمكن لنا ان نتجاوز في الحديث بأن المواطن السعودي الذي ألف ممارسة السياحة الخارجية واصبحت جزءاً من تضاريس حياته ، وتحتل مكانها على جدول مصروفاته السنوية ، لن تتملكه الرغبة المفاجئة في تغيير خططه السياحية ، الا انني اجد القناعة بحدوث ذلك التغيير ، حينما يجد ان بلاده امتلكت ناصية المنهجية السياحية وحققتها على ارض الواقع ، ولاشك ان هناك شريحة ليست ذات قيمة احصائية و لا تشكل رقماً هاماً في قائمة المستهدفين بالعمل السياحي ، ستبقى السياحة الخارجية لهم خياراً يصعب تغييره ، لأن الهدف السياحي لهم لا يمكن تحقيقه على تراب الوطن الطاهر . ( للحديث بقية )