نوّه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة باهتمام وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والجامعة الإسلامية بأمور الوقف والنهوض به لما للوقف من أهمية في حياة المسلمين، وعبر سموه عن شكره للوزارة والجامعة الإسلامية على تبنيهما للمؤتمرات الهامة في موضوعها وما تسفر عنه من نتائج، جاء ذلك في كلمة سموه لدى افتتاح مؤتمر الأوقاف الثالث الذي تنظمه الجامعة الإسلامي بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف في رحاب الجامعة تحت عنوان "الوقف الإسلامي: اقتصاد وإدارة وبناء حضارة" والذي يقام خلال الفترة من 17-19 من الشهر الجاري تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. بدئ الحفل بآيات من القرآن الكريم تلاها القارئ عبدالله غيلان. بعد ذلك ألقى معالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا كلمة الجامعة حمِد فيها الله سبحانه وتعالى على عودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ا لدفاع والطيران والمفتش العام إلى أرض الوطن سالما معافىً من رحلته العلاجية بعد أن أذن الله بشفائه وتمنى لسموه عوداً حميداً وعمراً مديداً بمشيئة الله مديداً وعيشاً هنيئاً يرجوه لسموه جميع أفراد هذه البلاد, كما شكر سموه الكريم على تفضله برعاية المؤتمر الثالث للأوقاف. وتوجه العقلا بالشكر الجزيل إلى صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبدالعزيز على تفضله بافتتاح هذا المؤتمر نيابة عن سمو ولي العهد الأمين والشكر له على تعهده ورعايته المتواصلين للنشاط العلمي الذي تقوم به الجامعة الإسلامية وحضوره شخصيا لكثير من هذه المناشط, رغم كثرة أعبائه ومسؤولياته وقال: فلكم يا صاحب السمو مني ومن جميع منسوبي الجامعة من الشكر بقدر ما لكم في قلوبنا من مودة وفي صدرونا من الإجلال والاحترام. وأضاف العقلا: إن الوقف تشريع إسلامي يهدف إلى تمويل المؤسسات الخدمية في المجتمع وإنه وسيلة لتحقيق التكافل الاجتماعي، وقد قام الوقف الإسلامي بدور مهم في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وبناء الحضارة الإسلامية عبر قرون عديدة من تاريخ الدول الإسلامية. وفي العصر الحاضر شهد الوقف الإسلامي تراجعاً وتهميشاً لدوره في بعض الأقطار الإسلامية نتيجة لمصادرة أعيانه تارةً أو تأمينها تارة أخرى أو تسهيل التعدي والاستيلاء عليها تارة ثالثة أو لإلغائه من المنظومة القانونية في بعض الدول. وقد أدى هذا الوضع إلى عزوف البعض من أثرياء المسلمين عن إنشاء أوقاف جديدة بسبب سوء الإدارة للأوقاف القائمة ومن تواضع عوائد استثمارها ومن إنفاق لهذه العوائد على بنود إنفاق تخالف شروط الواقفين. ويأتي هذا المؤتمر امتداداً لمؤتمرين سابقين عُقدا في رحاب جامعة أم القرى بمكةالمكرمة وتواصلاً مع ندوات إقامتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية ومؤتمرات وندوات عديدة عقدت في محافل أخرى داخل المملكة وخارجها سعيا وراء هدف واحد وهو إحياء سنة الوقف الإسلامي وإعادة تفعيل دوره في خدمة المجتمعات الإسلامية. وقد اختارت الجامعة عنوانا لهذا المؤتمر هو (الوقف الإسلامي اقتصاد وإدارة وبناء حضارة) وهو عنوان يكشف عن الدور الاقتصادي المأمول من الوقف, وعن ضرورات إدارته إدارة تجارية تزيد من عوائده ووضع الضوابط الكفيلة لأعمال وتصرفات إدارات الأوقاف. لقد حظي هذا المؤتمر بإقبال كبير من الباحثين والباحثات حيث تلقت اللجنة أكثر من مائة وخمسين بحثاً تم تحكيمها واستقر رأي اللجنة على اختيار سبعة وستين بحثاً منها، موزعة على أربعة محاور، وعلى امتداد سبع جلسات، وهو نتاج علمي يكرس بعض جوانب الوقف الإسلامي ويشير على أن الوقف ليس مجرد صدقة تطوعية بل هو مؤسسة تكافلية اجتماعية تتكامل مع مصلحة الزكاة وتتضافر معها في الحد من آثار الفقر في المجتمع الإسلامي. وشكر العقلا وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة بمعالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ على جهوده الكبيرة والمباركة في سبيل إقامة هذا المؤتمر كما شكر فضيلة الدكتور عبدالرحمن المطرودي وكيل الوزارة لشؤون الأوقاف. وأشاد العقلا بجهود أعضاء اللجان العاملة في المؤتمر الذين بذلوا جهوداً كبيرة في سبيل الإعداد والتحضير والتنفيذ لأعماله وفعالياته، كما شكر سعادة مدير عام إدارة التربية والتعليم للبنات بالمدينةالمنورة الدكتور يوسف الفقي والأخوات الكريمات منسوبات إدارة التربية والتعليم للبنات بالمدينةالمنورة على المشاركة في ترتيب وتنظيم القاعة النسائية. وشكر جميع الباحثين والباحثات على استجابتهم لإثراء المؤتمر ببحوثهم العلمية والشكر موصول كذلك لجميع ضيوف وضيفات المؤتمر على تلبيتهم للدعوة والمشاركة في أعمال المؤتمر وفعالياته. تلا ذلك قصيدة شعرية ألقاها الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي أشاد فيها بجنود المملكة البواسل على الحدود الجنوبية، وندّد بالاعتداء الآثم على حدود المملكة وقد لاقت استحسان الحضور. تلا ذلك كلمة الضيوف ألقاها نيابة عنهم معالي الشيخ أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر سابقاً الذي قال إن المؤتمر اكتسب عظمة الزمان وعظمة الموضوع حين عقد على أرض مهبط الوحي ليناقش موضوع الوقف الذي كانت بدايته من المدينةالمنورة ومن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم نموذج القدوة حين قدم أرضه وقفاً للفقراء في سبيل الله، ووجه الفاروق عمر رضي الله عنه إلى الوقف حين استشاره في أحب أمواله إليه ووجه كذلك طلحة بن عبيد الله، وكما وجه بسلوكه وجه إلى الوقف بحديثه وكلامه فقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، وقال: ما من مسلم يزرع زرعاً أو يغرس غرساً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة. ونوه معاليه بإقامة المؤتمر على هذه البلاد المباركة التي قدمت نموذجاً مباركاً للوقف تمثل في قيام خادم الحرمين الشريفين بهذا الوقف العظيم، وأكد أن الوقف يثري التنمية والتعليم وخاصة أننا في مرحلة هامة تستوجب العناية بالوقف، لأن الأمة تمر بتحديات لا تقع تحت حصر، تستوجب التعاون بين أصحاب رؤوس الأموال مع الحكومات، وبيّن أن الوقف من المشروعات التعاونية التي تؤكد قوة الأمة في وجه أعدائها المتربصين بها، وبيّن أن الله تكفل بحفظ أرض وحيه حيث جاء وعد الله لإبراهيم وابنه بمكة أن لا يخشى الضيعة بالمكان الذي سيُبنى به وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بحفظ المدينة وأهلها، وهنأ معاليه راعي الحفل ولي العهد على عودته سالماً. تلا ذلك كلمة معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حيث شكر معاليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على إذنه بإقامة المؤتمر ودعم لجميع أعمال الأوقاف قولاً وعملاً وقدوة وحرصه الشديد على إبراء الذمة فيها وأن يوضع لكل حق حقه، وسأل الله عز وجل له الثواب والإعانة والتوفيق للعمل الصالح. كما شكر سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز على رعايته للمؤتمر وحرصه على جميع الأعمال الإسلامية التي تتعلق بنهضة الأمة. كما وجه شكره للأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة على افتتاح المؤتمر، ودعمه المتواصل للشؤون الإسلامية والأوقاف، وأضاف آل الشيخ: الوقف في الشريعة جاء على غير مثال سابق ولم يكن يعرف في الشرائع السابقة وقد سنها النبي صلى الله عليه وسلم وجعل لها التشريعات امتثالاً لقول الله تعالى: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، وكل ما يتركه الإنسان بعده من عمل صالح فله أجره وهي الصدقة الجارية التي هي الوقف وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وكان من هدي الصحابة أن لا يوجد أحد له مقدرة على الوقف إلا وقف الوقوف وسبلها، وتتابع خلفاء الإسلام على الاهتمام بالأوقاف والحض عليها، وكان الوقف في الدولة الإسلامية واسع المجالات، ولم تكن الدولة تقوم بكل شيء في خدمة الناس، بل كان الناس أنفسهم يتسابقون على الإسهام في كل ما من شأنه خدمة الناس وإسعادهم، فجرت الوقوف على التعليم والمستشفيات والطرق، وغلب على بعض الواقفين الرحمة والشفقة فجعل وقفاً يخصها، وقد جاء في الوثائق المحفوظة أن هناك من أوقف على طيور الحرم، وبعض الكلاب التي حبست خارج مكة لإفنائها حتى تموت، ومنهم من وقف في أنواع شتى وقوفاً تشمل جميع مناحي الحياة، ثم توسع ذلك في الدولة الإسلامية، فكان الوقف له الشأن الكبير لصياغة جزء مهم من الحضارة الإسلامية فهماً وعملاً وتطبيقاً، وكان أمر ولايته إلى القضاة، ولما قامت المملكة على يد الإمام المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله أقام هذه الدولة على أساس كلمة التوحيد، وعلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكانت الدول الإسلامية في ذلك الوقت تحارب الوقف فتنهبها وتؤممها، وقضي على الأوقاف في بعض البلاد ولم يوجد من يختص بالوقف، وهذا شاع في البلاد من أمور معروفة سلمت من هذه البلاد في نشأتها بإحياء سنة الوقف، فوجه رحمه الله بتدوين الأوقاف والحرص عليها ومحاسبة النظار، وسار على ذلك أبناؤه من بعده حتى أنشئت وزارة الأوقاف، فاعتنت بالأوقاف وبقي الأوقاف الخاصة التي لها نظار بقيت تحت إشراف القضاة وهم الذين يحاسبون النظار. اعتنت الوزارة بالعديد من المناشط المتصلة بالأوقاف، وهذا المؤتمر يأتي بعد مؤتمرين وندوات تناقش جوانب متعلقة من أمور الأوقاف. تلا ذلك كلمة راعي الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة، حيث قال سموه بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسوله: أيها الإخوة الكرام :إنه من دواعي سروري واغتباطي أن أكون اليوم معكم نيابة عن سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. في افتتاح المؤتمر الثالث للأوقاف، والذي تنظّمه الجامعة الإسلامية بالتعاون والتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بعنوان (الوقف الإسلامي: اقتصاد وإدارة وبناء حضارة). لا شك أن الوقف يشكل جزءاً كبيراً من اهتمام الفقه الإسلامي كونه سنة إسلامية حميدة ورافداً من روافد العمل الخيري وسبيلاً لتحقيق المصلحة العامة المشتركة وهو من محاسن الإسلام وآثاره السامية ويعد الوقف من أفضل الصدقات التي حث الإسلام عليها واعتبرها من أكثر الأعمال تقرباً إلى المولى عز وجل ومن أفضل أعمال البر قال الله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". وبالوقف يتحقق التكافل الاجتماعي وتقوى به أواصر المحبة والترابط والتلاحم بين المسلمين، كما أن للوقف دوراً كبيراً في دفع عجلة التنمية وتحقيق النهضة الإسلامية والاجتماعية والاقتصادية، وسبباً من أسباب الحفاظ على الكثير من تراثنا الإسلامي الخالد وتحقيق تطلعات الأمة بما يوفره من إمكانات مادية تساعد في تحقيق المتطلبات. ومن هذا المنطلق جاء اهتما م هذه الدولة -أيدها الله- وعناية خادم الحرمين الشريفين ودعمه الكبير للأوقاف بما يحقق أهداف الوقف وفق منهج إسلامي منضبط بالأحكام الشرعية وبما ينسجم مع المتغيرات الحضارية التي نعيشها. ولا شك أن ذلك لا يتحقق إلا من خلال بذل الجهود والحرص على تحري الدقة في الأعمال والقيام بكل متطلبات الوقف الشرعية والنظامية بما يؤدي إلى تطويره وتوسيع مجالاته. ندرك جيداً أن تحقيق الوقف لأهدافه مرتبط بقدرة القائمين عليه بأداء أعمالهم على الوجه المطلوب، ذلك أن العنصر البشري هو الذي يدرير دفته ويرعى شئونه، ولا بد أن نعي جيداً أن هناك تقصيراً في الأداء في بعض الأحيان، وربما أدى هذا إلى عدم تحقيق الأهداف المطلوبة، الأمر الذي يستوجب منا الوقوف ضد أي تجاوز يتم، وأن تخضع كل الأوقاف لمعايير إسلامية شرعية دقيقة في المحاسبة والمتابعة، لكي تؤدي رسالتها على أكمل وجه. وقد جاء هذا المؤتمر بمحاوره وموضوعاته المتنوعة والأبحاث المقدمة فيه لإثراء وتطوير سبل إدارة الوقف وتلمس مشكلاته المتنوعة وتقديم الحلول الناجحة لها على أيدي علماء وباحثين متخصصين لهم حضورهم الواضح في هذا المجال. فأشكر الإخوة والأخوات الباحثين والباحثات على جهودهم المثمرة البناءة، كما أشكر وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة في معالي وزيرها الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ . والشكر موصول للجامعة الإسلامية ممثلة في معالي مديرها الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا وكافة العاملين معه على تبني مثل هذه المؤتمرات الهامة في موضوعها بما تسفر عنه بمشيئة الله من نتائج مثمرة للنهوض بأعمال المؤسسات الاجتماعية وتحقيق نهضة الأمة وقيام حضارة إسلامية قوية ذات مصادر تمويلية دائمة مستمدة منهجها من كتاب الله وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وفي الختام أسأل المولى عز وجل أن يكلل هذه الجهود المباركة بدوام التوفيق والنجاح، وأشكر سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز على دعمه ورعايته لهذه المؤتمر وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته. ويشهد المؤتمر مناقشة سبعة وستين بحثاً على مدى سبع جلسات يشارك فيها باحثون وباحثات من دول مختلفة، كما يشهد عقد محاضرتين على هامشه إحداهما للدكتور سلمان العودة بعنوان "الأسرة والعولمة" ويديرها الدكتور محمد الهاشمي الحامدي رئيس قناة المستقلة الفضائية، والأخرى للدكتور إبراهيم الدويش بعنوان التعامل مع الشباب يقدمها الدكتور فهد السنيدي.