تُداولت الأنباء على صفحات الصحف تنذر برحيل الإعلامي محمود سعد، عن برنامج البيت بيتك، الذي بدأ في الانهيار بعد الأحداث الأخيرة، التي حدثت بسبب ملكية البرنامج والخلافات، التي نشبت بين محمود بركة منتج البرنامج، وإيهاب طلعت، الذي تمكن من الحصول على حكم بالحجز على شركة بركة الإنتاجية، وقد يكون هو السبب الرئيس الذي دفع محمود سعد للرحيل عن البرنامج، الذي نُسب إليه نجاح البرنامج، والذي وصف بأنه الجواد الرابح، كما نشر بالعديد من الصحف، التي اختارت له هذا الوصف بعد أن عمل بالبرنامج عدد كبير من الإعلاميين، ورحلوا وظل محمود سعد محتفظاً بنجاحه وقدرته التي كانت وبلا شك نجاحاً لا يستهان به. رفض محمود سعد تجديد عقده لثلاث سنوات ابتداءً من انتهاء رمضان 2009، وذلك مؤشر حقيقي لانهيار البرنامج، الذي ارتبط به الجمهور من أجل محمود سعد، الذي يتحدث بلسانهم، ويشعر الجمهور بأنه لسانهم، قد يكون لنشأته في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة تأثير إيجابي في عمل محمود سعد، الذي ساند الفقراء ويوجه حديثا دائماً "لعم محمد"، الذي يقصد به عددا كبيرا من أبناء الطبقات الكادحة، ورحيل محمود سعد ليس عشوائياً ،وإنما لأنه إعلامي محنك شعر بأن البرنامج الذي نجح خلال الفترة السابقة سينهار، وستتخلله عقبات وأزمات، وعندما عُرض عليه الأفضل والجديد وافق بشروطه وثقته في أن الجمهور سيبحث عنه، دفعته للموافقة على عرض سيد البدوي رئيس مجلس إدارة قناة الحياة، للعمل براتب سنوي يتجاوز 7 ملايين جنيه، وهذا الرقم أكبر بكثير من راتبه في برنامج البيت بيتك، والذي لم يتجاوز 3 ملايين جنيه. أظهر محمود سعد مهارته الإعلامية، وخبرته التي حصدها في القدرة على الاحتفاظ بمكانته، عندما رفض عرضا مغريا آخر من حسن طاطاناكي، برغبته في انضمامه لقناة أزهري مع الداعية خالد الجندي، الذي يعتبره محمود من أفضل الدعاة إلا أن حنكة الإعلامي دفعته لرفض الفكرة رغم الصداقة، التي تربطه بالشيخ خالد لأن للقناة معارضين، ولصديقه أيضاً معارضين بقوة، ولا يمكن الجزم بأن له أعداءً يحاربونه أو يرفضونه، وهنا فإن سعد رفض الدخول في دائرة الشبهات. عرف سبيله بعد أن تلقى قدراً كافياً من الخبرة في مجال الصحافة دفعته بقوة نحو التلفزيون، الذي كان اختياراً أفضل بالنسبة له وتفوق ونجح في التلفزيون قدر نجاحه في الصحافة لطلاقة لسانه، وقوة شخصيته ونطقه بلسان الجمهور، وهذه أهم ميزة جعلت أعدادا كبيرة التفت حوله. البيت بيتك ليس عمله الأول في التلفزيون سبقته عدة برامج منها "على ورق" الذي قدمه في 2001 على قناة دريم، وثلاثة برامج أخرى هى: "حلو وكذاب"، و"اقلب الصفحة"، و" مباشر مع محمود سعد" على قناة MBC، ولكن أكثر البرامج التي التف الجمهور حولها من أجله كان برنامج البيت بيتك، الذي كان جواده وعماده، ولا يبالغ الكثيرون في قولهم هو المحرك الأساسي فيه رغم اللامعين الذين قدمهم البرنامج إلا أنهم لا يتمكنوا من الوصول لمكانة سعد، ومن بينهم معتز الدمرداش، ونيرفانا التي تخلى عنها البرنامج، وجاسمين زكي، وتامر أمين وغيرهم. بدأ سعد حياته صحفياً، واختار أن تكون نهايته إعلاميا ومذيعا بالتلفزيون امتاز برغبته في التجديد وعدم عشقه المناصب عندما استقال من منصب رئيس التحرير بعد فترة وجيزة من الوصول إليه. إيمانه بالكوادر البشرية قد يكون دافعه لذلك، وربما تكون رغبة قوية ألحت عليه بالتخصص والتركيز، إما في الصحافة أو التلفزيون، فاختار التلفزيون كنوع من التنوع والتجديد وأثبت قدرة في العطاء لم يكن مذيعاً أو محاوراً عادياً، بل نجح في وضع محمود سعد على قائمة أفضل الإعلاميين المصريين، ومشواره بدأ من مجلة صباح الخير منذ عام 1979 وتدرج في المناصب بدأ بالقسم الفني، ووصل لرئيس تحرير، وترك منصبه أملاً في إحياء تولي الشباب مناصب، حتى لا يصيبهم اليأس من بقاء كبار السن في مناصبهم. محمود سعد الرجل محب بطبيعته للمرأة، ومساند لها لأنه نشأ بين أحضان والدته التي يدين له بفضل. يجيد معاملة ضيوفه ولسانه سوط للمسؤولين. لا يهوى الابتذال في حواره، وإنما له طريقة في التهكم لم يمتلكها أحد غيره. لايفصح بما يميزه وإنما يرغب في أن يحيا حياة كريمة ويتعاطف مع الفقراء ويبدو تعاطفه جلياً، وليس اصطناعا. يحاول مد يد العون بقدر الإمكان وشخصيته جذبت الجمهور، ورحيل محمود سعد من البيت بيتك هو رحيل الجمهور بالكامل، وربما يحاول بركة التوصل لحل، ولكن المؤشرات تؤكد أنه لا تراجع من ناحية سعد.