تشهد منطقة جازان هذه الأيام موجة غبار قوية أدت إلى تدني مستوى الرؤية الأفقية إلى أقل من 5 أمتار شملت المحافظات الساحلية وأجزء من القطاعات الجبلية، وتعد الموجة الحالية ضمن سلسلة الغبار الموسمية التي تشهدها المنطقة كل عام، خاصة في الفترة ما بين شهري يونيو (حزيران) وأغسطس (آب)، حيث تتعرض بعض المحافظات الداخلية في منطقة جازان لموجة من الرياح المصحوبة بالغبار تنتهي بموجة من الأمطار المستمرة. وأهل جازان عموما معتادون على مثل هذه الأجواء ولا يبدون تضايقا بالقدر الذي يستاء منه الزوار، فأجواؤها تصحو يوما وتغيب يوما آخر على الرمال، وما بين الضيق والرضا مساحة من الكلام بدت على أحاديث البعض لنكتشف مدى استعداد أهل جازان لهذا الموسم الذي حل مبكرا. المواطن ناصر عمادي يتألم من هذا الموسم ويخشى أن تطمر الرياح بأتربتها وغبارها منازل قريته حيث تزحف عليها بشكل يومي. فيما يحمل علي هيج النعمي 65 سنة للأمر معاني أكبر من الشكوى، إذ يرى فيه فوائد يعتبرها رحمة من خالق الكون لأنها أي الغبار والأتربة تلطف الأجواء وتحجب أشعة الشمس في منطقة مشهورة بوهج حرارتها. وبالتالي فإن الغبرة موسم للرحمة من لهيب الصيف الحار، كما يرى في الغبرة وجها أخر إيجابيا هو انتقالها من موقع إلى آخر ما يجدد التربة وينشطها ويزيد من خصوبتها. وقال «التربة تتهالك وتضعف طوال العام وتصبح منهكة من كثرة الزراعة لكنها تتعافى بانتقال الأتربة منها وإليها». وأضاف «القدماء كانوا يتوقفون عن الزراعة في هذا الموسم حتى تتجدد التربة، كما أن موسم الغبرة يبشر بهطول الأمطار التي تتخلله بين الحين والآخر». وعلى الجانب الآخر نجد المحلات التجارية التي تلجأ إلى إغلاق أبوابها مرغمة لأن الأتربة تفسد البضائع «وتردمها» رمالا، وفي هذا الصدد قال عبده غالب صاحب محل تفصيل ثياب «نضطر للإقفال ساعات النهار حيث تنشط الغبرة ومن ثم نفتح لمزاولة نشاطنا ليلا».