نشرت جريدة عكاظ في عددها اليوم قصة (تيري هولد بروكس) أحد أعضاء الجيش الأمريكي في جوانتانامو سابقا، وهو يصلي في المدينه قبل أن يصل إلى مكةالمكرمة لأداء فريضة العمرة. ونقلاً عن الزميل عبدالله الداني يقول : عندما توجهنا بالسؤال إليه أبدى دهشة عميقة مما شاهده في المدينةالمنورة وخصوصا المسجد النبوي الشريف، يقول تيري عن نفسه «لم أستطع أن أكتم مشاعري وأنا أرى هذا المسجد المعظم للوهلة الأولى وقد كان حلمي منذ أن أعلنت إسلامي، لكن الصلاة في الروضة الشريفة كانت الحلم الأكبر وبها حصلت فرحتي الكبرى». ويضيف في حديث إلى «عكاظ» «لئن كان كثير من المسلمين يتمنون الحصول على هذا الشرف العظيم فإن الله يسر لي هذه الأمنية، وكدت أطير من الفرح وأنا أصلي في هذه البقعة المباركة». وأبدى تيري الذي يزور المملكة حاليا بضيافة الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ صالح الحصين، ويرافقه رئيس الجمعية الدعوية الكندية سفير السلام بالهيئة العالمية لنشر السلام في الأممالمتحدة شازاد محمد، دهشته من محتويات معرض تاريخ المسجد الحرام والآثار والرسائل التي كان يرسلها الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى عدد من رؤساء وزعماء القبائل أو الملوك، وشاهد كذلك فيلما وثائقيا عن مراحل توسعة المسجد النبوي الشريف في العهد السعودي بدءا من الملك سعود وانتهاء بالخدمات الكبيرة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كما أبدى عظيم سروره أثناء مشاهدته مظلات ساحات الحرم النبوي، مثمنا للملك عبدالله الدور الكبير الذي يقوم به خدمة للحرم النبوي الشريف وللزوار وقاصديه من كل مكان. وبالعودة إلى تاريخ هذا الجندي الأمريكي وسر اعتناقه الإسلام، تتكشف لدينا قصة عجيبة كان بطلها الخفي السجين المغربي رقم 590 في معتقل جوانتانامو أحمد الراشدي الذي استطاع بعد حوار طويل مع الجندي أن يقنعه بنطق الشهادتين إيذانا ببدء مرحلة جديدة من حياته. ووصف تيري تلك اللحظة بالاستثنائية، إذ إنها غيرت حياته جذريا. وقال الجندي الأمريكي مستذكرا تلك اللحظة «عندما نظرت إلى الساعة وقت نطقي بالشهادتين كانت عقاربها تشير إلى الساعة صفر و49 دقيقة (12:49 صباحا)، ورغم أنني أتذكر الوقت فإنني لا أتذكر اليوم بالتحديد وإن كان في شهر ديسمبر عام 2003»، هكذا وصف هولد بروكس اللحظات الأولى لدخوله الإسلام. ويضيف «في تلك الليلة قررت بعد نقاشات لا تحصى حول الدين الإسلامي مع السجين المغربي أحمد الراشدي أن أنطق ب(لا إله إلا الله محمد رسول الله)». ووصف الجندي الذي كان يعمل في حراسة الجيش الأمريكي حفل دخوله للإسلام بالمدهش، حيث حضر عدد من المعتقلين وقرروا إطلاق اسم (مصطفى) على صديقهم الجديد، غير أن هولد بروكس أضاف لاحقا اسم (عبدالله) لمصطفى ليصبح الآن (مصطفى عبدالله). ويتذكر عبدالله مشاعره عندما تقرر إرساله إلى هذا المعتقل وكيف كانت الفرحة تغمره لتوقه إلى خوض مغامرة جديدة، إذ لم ير قط سجنا قبل ذلك. لكن كم كانت صدمته شديدة حتى قبل أن يدخل المعتقل، إذ أحس بأن البيئة المؤدية إليه كانت مخيفة للغاية لا تصلح إلا للصبار والزواحف السامة، وعند وصوله المعتقل بدأ يتساءل «هل فعلا من هم وراء هذه القضبان خطيرون لدرجة أنهم يستحقون كل هذه الإجراءات المكلفة للغاية؟». ويرجع الحارس السابق سبب اهتمامه بالإسلام إلى استماعه لما كان يدور بين السجناء من أحاديث حول تاريخ الشرق الأوسط وأفغانستان وفلسطين والإسلام، فكان يقضي الليل كله أمام زنزاناتهم يستمع إليهم. ومع مرور الأيام يقول عبدالله إنه تولد بينه وبينهم نوع من الاحترام المتبادل، خاصة مع شعورهم جميعا بأنهم مجبرون على العيش معا. ويستطرد قائلا «لم أكن أؤمن بالله قبل جوانتانامو، ومع الإسلام وجدت حلاوة الإيمان فهو دين خالص، فأنا من الآن فصاعدا عبد أخدم الله، والإسلام هو الحق الكامل». ويحكي عبدالله كيف كان في بداية أمره يخفي دينه عن زملائه، وكيف عامله الضباط بقسوة عندما اكتشفوا حقيقته واتهموه بالإرهاب وبخيانة أمريكا قبل أن يعاد إلى قاعدته ويسرح من الجيش قبل نهاية عقده بسنتين. وقد وقع عبدالله عقودا مع وكيل وناشر، ويقوم حاليا بتحرير كتاب بمساعدة أحد الكتاب حول تجربته، مشيرا إلى أنه يرغب في جمع بعض المال لتغيير حياته من خلال ذلك، وترك وظيفته الإدارية الحالية في جامعة فونيكس ليتفرغ «لمساعدة أسر معتقلي جوانتانامو»، خاتما كلامه بعبارة «الإسلام دين كامل وما يجري في المعتقل لا إنساني، يتنافى وأبسط قواعد حقوق الإنسان».