اتهم البرتغالي خوسيه بيسيرو، مدرب المنتخب السعودي السابق، الأندية بأنها أحد أسباب إخفاق "الأخضر" بسبب نفوذها القوي، مشيراً إلى أن الإعلام يركز على الأندية ويتجاهل المنتخب، وأن السعودية بحاجة إلى "هوية". كما ذكر بيسيرو أن المشاركة بالمنتخب الرديف في كأس الخليج كانت بقرار من الأمير سلطان بن فهد والأمير نواف بن فيصل ولجنة تطوير المنتخبات، نافياً في الوقت ذاته وجود تدخلات في التشكيلة التي يضعها للمنتخب، سواء من الأميرين أو من مدير المنتخب السابق فهد المصيبيح. جاء ذلك في اللقاء الخاص لبيسيرو مع برنامج "في المرمى"، حيث عُرض الجزء الأول من اللقاء مساء الاثنين 14-02-2011، وجاء فيه ما يلي: بداية رائعة- بدايتك مع المنتخب السعودي كانت رائعة، ففزت على إيران في أرضها، ثم تغلبت على الإمارات.. ما الذي تغيّر بعد ذلك؟ قدمنا بدايةً جيدةً جداً، لكننا تراجعنا كثيراً، أظن أن علينا النظر إلى النتائج وإلى الأداء في آنٍ معاً. عندما تتغلب على إيرانوالإمارات، وتلعب جيداً أمام كوريا الجنوبية وتتعادل معها، فإن ذلك أمرٌ طيب، كنا غير محظوظين أمام كوريا الشمالية، وكان حظنا سيئاً أمام البحرين أيضاً، لا يمكنكم تقييم عملي بناءً على النتائج وحدها، فقد بنيت فريقاً جديداً. شاركنا في كأس الخليج بالصف الثاني، ووصلنا إلى النهائي، لا أعتقد أن هذه النتيجة سيئة. - لنسلّم بأنكم لم تكونوا محظوظين في التأهل إلى كأس العالم، لماذا ظهرتم بهذه الصورة السيئة في كأس آسيا الأخيرة في وقتٍ كانت في التوقعات تشير إلى بلوغكم ربع النهائي على الأقل؟ بعد الفشل في التأهل إلى كأس العالم، قررت تجديد الفريق، ودعمني الاتحاد السعودي في هذا التوجه. قمت بتقييم الكرة السعودية، وقدمت مشروعاً لتطوير المنتخب، والكرة السعودية عموماً. في ما يخص المنتخب، نبهت الجميع إلى مشكلتين رئيسيتين، إحداهما ظرفية، والأخرى هيكلية. في ما يتعلق بالمشكلة الظرفية، أشرت إلى ضرورة إعطاء الفرصة للشباب، وتنويع مهارات اللاعبين، فبحثت عن لاعبين مميزين على الصعيد البدني والجسماني والنفسي، وحاولت تغيير عقلية اللاعبين الصغار، قدمت هذا المشروع للجنة تطوير المنتخبات التي يرأسها هولييه، وأبديت حاجة المنتخب السعودي للالتزام بتكتيك معيّن لفترةٍ من الزمن، والتمتع بنضجٍ تكتيكي، إلى جانب تثقيف اللاعبين كروياً. اللاعبون بحاجة إلى المزيد من روح المنافسة والتحدي في ما بينهم، لذلك منحت الفرصة للاعبين الصغار الذين آمنت بقدرتي على تطويرهم، على عكس أولئك الكبار الذين يصعب تغييرهم بعدما تجاوزوا سناً معيناً، لذلك لم نحصد نتائج جيدة. لعبنا نهائي كأس الخليج بالفريق الرديف، وفي المباريات الودية أذكر أننا فزنا على تونس وروسيا البيضاء، وتوقفنا نحو أربعة أشهر، فلم يسمح لي الاتحاد إقامة أي معسكرٍ بين يناير ومايو، وفي مايو خسرنا 2-3 أمام إسبانيا، وتعادلنا مع نيجيريا، وتغلبنا على الغابون وأوغندا. أعتقد أننا قدمنا أداءً جيداً في المباريات الودية. - ما سبب الهزيمة إذاً، ما الذي جرى عكس رغبتك؟ هل كنت بحاجةٍ للمزيد من الوقت؟ لماذا لم تنجح؟ لم نكن جيدين أمام سوريا، لكننا لم نخسر سوى المباراة الأولى. سوريا فريق أسوأ من السعودية، لكن تذكر أن إسبانيا أيضاً خسرت أمام سويسرا في بداية مشوارها في كأس العالم، لكنها فازت باللقب في نهاية المطاف. ميتسو أيضاً خسر المباراة الأولى مع قطر، لكنه بلغ ربع النهائي. اليابان تعادلت في اللحظات الأخيرة مع الأردن، هل تعتقد أن زاكيروني كان سيقال لو أنه خسر؟ أظن أن لا أحد يمكنه تقييم عملي من خلال مباراة سوريا، خسرت مباراتين رسميتين فقط من أصل 16، أمام الكويت نهائي كأس الخليج بفريقي الرديف الذي لا تتجاوز أعمار 15 من لاعبيه الثلاثة و20 عاماً. وفي كأس آسيا، أعترف أن الهزيمة أمام سوريا سيئة، لكن كانت أمامنا فرصتان. لم يعطوني الفرصة! لا يمكنني المطالبة بالمزيد من الوقت، أعتقد أنني أطول المدربين عمراً في السنوات العشر الأخير بالنسبة للسعودية. وبما أنني قضيت سنتين، فمن المؤكد أن الأمير سلطان والأمير نواف والجميع أعجبوا بعملي، وإلا لاستغنوا عن خدماتي بعد تصفيات كأس العالم، أو بعد سنة. كنت واثقاً من قوة منتخبي في كأس آسيا. كان بإمكاني الفوز على الأردن واليابان، أن مؤمن بهذا. استبعاد الأساسيين- لماذا استبعدت اللاعبين الأساسيين في كأس الخليج، رغم أنهم خاضوا المباريات الودية القوية التي سبقت البطولة؟ عندما وضعت خطتي، كنت أريد تطوير المنتخب، والعمل مع الفريق الأول في آنٍ معاً. في الحقيقة، عملت مع فريقين، لذلك كنت بحاجة إلى المعسكرات. قد يتهمني البعض بتضييع الوقت في المعسكرات، لكني أبني منتخباً قوياً للمستقبل. لو اعتمدت على الفريق الأول وحده، لما أعطيت الفرصة للاعبين الشباب. السعودية لا تملك منتخباً مكوناً من 23 لاعباً فقط، بل من 50 لاعباً. 20 لاعباً خبيراً، و30 شبّان يتمتعون بإمكانياتٍ جيدة. لكنهم أرادوا الفوز بكأس آسيا. - ما قدمته للكرة السعودية جيّد، لكنك لعبت كأس الخليج قبل أسابيع فقط من بدأ كأس آسيا. لماذا لم تعتمد على نفس تشكيلة كأس آسيا في اليمن، وتعتبرها بطولة إعدادية؟ في 2009 طلب الأمير سلطان والأمير نواف من لجنة تطوير المنتخبات تقييم المنتخب، فنصحوا الأمير سلطان وقتها في ديسمبر أو يناير، بعدم لعب كأس الخليج بالفريق الأول لسببين: أولاً، لأن الدوري لا يمكن أن يتوقف لشهرين، مرة من أجل كأس الخليج، ومرة من أجل كأس آسيا. كما قال إن إمكانيات اليمن ليست جيدة. لديّ مشروعي، لكني أنتظر دائماً موافقة الأمير سلطان والأمير نواف. - إذاً كان قرارهم لعب كأس الخليج بالرديف، فيما فضلت أنت أن تشارك بالفريق الأول. نعم، المشلكة كانت تكمن في توقف الدوري. كنت أريد المشاركة في الفريق الأول، ليس من أجل المنافسة، بل من أجل إعداد الفريق. لكنهم في نوفمبر أو ديسمبر، اتخذ هولييه وفريقه قرارهم. في معسكر دبي الذي لعبنا فيه أمام أوغندا وغانا، في آخر يوم، طلبت الأندية من الاتحاد السعودي إيقاف الدوري، وكان الأمر مفاجئاً بالنسبة لي. فلو علمت أن الدوري سيتوقف، لذهبت إلى اليمن بالفريق الأول. تحدثوا عن الأوضاع الأمنية وسوء أرضيات الملاعب، لكن الأمر سيان بالنسبة لي. فالنجوم وباقي اللاعبين جميعهم سواء، لكنهم قالوا لي إن عليّ المشاركة بالفريق الرديف لأن الدوري لن يتوقف. وبما أن الدوري توقف، فلماذا لم يسمحوا لي المشاركة بالجميع؟ لكنهم لم يوافقوا. - هل تعني أن الأمور كانت ستسير بشكل مغاير لو سُمِح لك المشاركة بالمنتخب الأول في كأس الخليج؟ لست متأكداً، لكني أعتقد أن الأمور كانت ستسير بصورة أفضل. في كرة القدم، لا يوجد شيء محسوم. لا تدخلات عُليا- هل كان هناك من يتدخل في وضع التشكيلة الأساسية؟ كلا على الإطلاق، لم يتدخل أحدٌ قط في عملي، سواءً مع المنتخب السعودي أو قبله. كنت أجتمع دائماً بالأمير سلطان والأمير نواف وفهد المصيبيح، لكنهم لم يتدخلوا أبداً في خياراتي. - عن ماذا تحدثت مع الأمير في اجتماعكم الذي سبق مباراة سوريا؟ هل ناقشتم خطة اللعب؟ اجتمعت بالأمير مرتين أو ثلاث مرات فقط قبل لقاء سوريا. سألني عن حال الفريق، فقلت له أنا سألعب بهذه التشكيلة غداً. هذا كل ما في الأمر، أعتقد أنه وافقني الرأي، لكنه لم يقل شيئاً. إنه أمرٌ غريب، ففي ذلك الاجتماع، قال لي إني أقوم بعملٍ جيد، وإني حسنت الفريق، ووضع الثقة بي. لو أردت حماية نفسي، لما جددت الفريق، بل للعبت بأفضل اللاعبين الموجودين دائماً، ولما أشركت لاعبين في التاسعة عشرة من عمرهم. إذا خسرت بخمسة أهدافٍ نظيفة أمام إسبانيا، فما المشلكة؟ لا يمكنك أن تتطور إلا من خلال الاحتكاك باللاعبين الأقوياء. إذا لم يلعب اللاعبون السعوديون أمام منتخباتٍ وفرقٍ قوية، فلن يتحسنوا. أريدكم أن تتذكروا أني لم أخض أي معسكر بين يناير ومايو، وعندما خضنا معسكرنا هاجم الإعلام بيسيرو لأنه لم يتح الفرص لللاعبين بالراحة! لم نجتمع طوال خمسة أشهر، علماً بأن كل منتخبات المنطقة لعبت أيام الفيفا، ونحن لم نلعب. نعم أعلم أن الأمير والاتحاد السعودي يتعرض لضغوطات من الأندية، وأتفهم ذلك، لكننا لم نلعب لخمسة أشهر. وفي مايو، هاجموني لأنني أقمت معسكراً. لكن في أغسطس، لاعبو الهلال والشباب لم يشاركوا سوى في ثلاث أيامٍ من معسكرنا لارتباطهم بنصف نهائي دوري أبطال آسيا، وفي سبتمبر، لم نتمكن من إقامة معسكر، وفي أكتوبر، أقمنا معسكراً دون لاعبي الهلال والشباب، وفي نوفمبر، كنت بحاجة لإعداد فريق كأس آسيا، وحينها قررت بدأ المعسكر مبكراً، لأن من الغريب ألا يذهب النجوم إلى كأس الخليج، ويتوقف الدوري. وبعد عودتنا من كأس الخليج، لعب لاعبو الهلال والشباب أربع مباريات في 15 يوماً، أربع مباريات رقم كبير، لذلك لم أستطع إشراكهم في اللقاءات الودية. أما باقي لاعبي الأندية، فنالوا قسطاً طويلاً جداً من الراحة، ما أثّر على مستواهم، أشهر ديسمبر ويناير شهدت دائماً أفضل أداءٍ جماعي في 2009 و2010، وكنت أنتظر هذا في 2011، لكن الدوري توقف لشهرٍ كامل. تأثير الأندية- كنت تتحدث عن توقف الدوري، وضغط الأندية على لاعبيها في قضاء أقصر فترة ممكنة في معسكرات المنتخب، هل تعتقد أن الأندية الكبرى لها يد في في الإخفاق السعودي؟ أظن أن الأندية لها أثر، أثرٌ قويٌ جداً. لكن هذا الأمر طبيعي ويحدث في أوروبا أيضاً. أشرفت على الهلال عام 2006، ولم أرَ لاعبي المنتخب السعودي طوال شهرٍ كامل. بدأوا موسمهم مع المنتخب. كنت مخطئاً في تصفيات كأس العالم 2010، بأني لم أضغط على الأندية لتفريغ لاعبيها للمنتخب، كما فعلت البحرين التي ذهبت في معسكر أوروبي لشهرٍ كامل. شارك اللاعبون مع أنديتهم، ثم جاؤوا إليّ قبل 15 يوماً فقط من اللقاء. كان حظنا سيئاً بسبب الإصابات واستقبال شباكنا هدفاً متأخراً، لكن النقطة الرئيسية أن البحرين كانت أكثر جهوزيةً منّا. الأندية تملك نفوذاً كبيراً لأن السعودية تتمتع ببيئة أندية، لا بيئة منتخب، أقرأ الصحف، إنها دائماً ما تتحدث عن الأندية، وتتجاهل المنتخب تماماً. لذلك أعتقد أن السعودية بحاجة إلى هوية، لذلك عندما تحدثت عن المشاكل الهيكلية، قلت لهم إننا بحاجة إلى هوية. على الإعلام أن يكف عن شحن الأندية. أريد أن أضرب مثالاً هنا، في البرتغال، عندما يرسل بنفيكا أحد لاعبيه إلى المنتخب، فهو يتطلع إلى الربح، لكن الهلال أو الشباب أو النصر، لا يهتمون لمشاركة لاعبيهم مع المنتخب، لأن الأندية لا تربح من بيع لاعبيها إلى الدول الأخرى، الأندية السعودية لا تتمتع بعلاقة شراكة مع المنتخب، ولا تربطهما مصلحة تجارية، كما هي الحال في إنكلترا وإسبانيا، ففي إسبانيا، برشلونة يهتم لمشاركة انييستا مع المنتخب الإسباني، حتى لو لم يكن ينوي بيعه، فبمجرد مشاركة اللاعب مع بلاده، ستزيد شهرته وسيبيع المزيد من القمصان التي تحمل اسمه، والتي ستصب في نهاية المطاف في خزينة النادي. العلاقة التجارية في السعودية بدأت الآن، لاحظت أن بعض الشركات بدأت بالفعل بالاستفادة من شهرة اللاعبين، لكن هذا لا يكفي. إذا لم يحترف اللاعبون السعوديون في الخارج، كما اليابانيين، فإن الكرة السعودية لن تتطور، بإمكان السعودية أن تفوز بلقبٍ آسيوي أو لقبين، لكنها لن ستفوت الركب إذا لم تخلق علاقة طيبة بين النادي والمنتخب. في أوروبا، لم أسمع أن ريال مدريد طلب تأجيل مباراته مع برشلونة حتى لا يعاني لاعبوه من الضغط، فالجميع يتصرف بمنتهى الاحترافية، لم أر لاعباً يرتاح ثمانية أيام قبل خوض مباراة في دوري أبطال آسيا إلا في السعودية، في بقية الدول، يلعب اللاعبون مباراةً كل أربعة أيام، يرتاحون بين اللقاءين، لكنهم يلعبون!