أصدر مدعي المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مسودة لائحة الاتهام يوم الاثنين فيما يتعلق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. وهذه خطوة متوقعة منذ زمن بعيد في القضية التي تمس بصورة مباشرة الأزمة السياسية اللبنانية. وانهارت حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية التي تشكلت قبل 14 شهرا بقيادة رئيس الوزراء سعد الحريري يوم الاربعاء بعد استقالة وزراء من حزب الله وحلفائه. وقال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم الاحد ان المعارضة لن ترشح الحريري لتشكيل حكومة جديدة. وعقد زعماء سوريا وقطر وتركيا اجتماعا اليوم في دمشق ناقشوا فيه الازمة الناشبة بسبب المحكمة التي يصفها حزب الله بانها "مشروع اسرائيلي." وتجسد الانقسامات العميقة بين الاطراف اللبنانية وداعميها الاقليميين وجود خصومات دينية وعرقية وسياسية في مختلف أنحاء الشرق الاوسط مما يعطي زعماء من واشنطن الى طهران دورا في أزمة بيروت. ولم يكشف النقاب عن مضمون مسودة الاتهام التي ارسلت الى القاضي دانييل فرانسن. ولن تظهر تفاصيل عريضة الاتهام قبل فترة من ستة اسابيع الى عشرة وهي المرحلة التي يقرر عندها فرانسن ما اذا كانت هناك ادلة كافية تبرر السير في اجراءات القضية. ولكن مسؤولين لبنانيين ودبلوماسيين غربيين قالوا انهم يتوقعون أن تتهم الحكومة أعضاء في حزب الله بالضلوع في الاغتيال. وينفي حزب الله أي دور له في ذلك. وقال زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله العام الماضي انه لن يسمح باعتقال أي من أفراد جماعته. وطلبت الجماعة من الحريري نبذ المحكمة وسحب القضاة اللبنانيين وسحب التمويل اللبناني لها. وأدى رفض الحريري لهذه المطالب الى استقالة 11 وزيرا من حزب الله وحلفائه الاسبوع الماضي. وقالت المحكمة التي تدعمها الاممالمتحدة في بيان "سلم مدعي المحكمة لائحة اتهام والادلة الداعمة لقاضي الاجراءات." وامتنع مسؤولو حزب الله عن التعليق. لكن تلفزيون المنار التابع لحزب الله قال اليوم ان الولاياتالمتحدة تقف وراء الكشف عن مسودة قرار الاتهام في قضية اغتيال الحريري عام 2005 لتخريب الجهود الرامية لحل الازمة اللبنانية. واتهم التلفزيون واشنطن "بدفعها بالقرار الظني الى أتون الحركة لاشعال فتيل تفجير كل جسور الحل" مضيفا أن الامريكيين يسيطرون على الاتهامات شكلا ومضمونا. ويحظى حزب الله بدعم من سوريا وايران فيما يستقي الحريري الدعم من الغرب ومن السعودية مما يعني أن الانقسامات العميقة بين الاطراف اللبنانية قد تقود الى توتر اقليمي. وقبيل مغادرته تركيا الى دمشق للقاء الرئيس بشار الاسد وامير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني قال رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان ان عدم استقرار لبنان يعتبر مصدر قلق للشرق الاوسط بأكمله. وقال اردوغان في مطار اسطنبول "منطقتنا لا يمكن ان تتحمل ان يدخل لبنان مرحلة جديدة من عدم اليقين." وأدت الفوضى السياسية لتوتر طائفي وقالت وكالة مودي للتصنيف الائتماني ان الفوضى قد تهدد معدل التنمية الاقتصادية المتوقع للبنان في عام 2011 وهو خمسة في المئة ويوجه ضربة لارباح القطاع المصرفي في البلاد. وقال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون انه يؤيد تماما المحكمة ودعا لبنان لتشكيل حكومة جديدة بأسرع ما يمكن. وقال في مؤتمر صحفي عقد في أبوظبي "من المهم عدم الحكم مسبقا على نتائج التحقيق.. لا ينبغي لاحد أن يسيس عمل المحكمة." وفي دمشق قالت الوكالة العربية السورية للانباء ان مباحثات الرئيس السوري والامير القطري ورئيس الوزراء التركي تناولت "اخر مستجدات الاوضاع في المنطقة وخصوصا الازمة في لبنان حيث تم التأكيد على حرص القادة الثلاثة على أن يكون هناك حل لهذه الازمة مبني على المساعي الحميدة السورية السعودية لتحقيق التوافق بين اللبنانيين ومنع تفاقم الاوضاع." واوضح اردوغان ان وزير الخارجية الايراني بالانابة علي أكبر صالحي سيزور تركيا مساء يوم الاثنين بعد مشاورات كان قد اجراها رئيس الوزراء التركي في عطلة نهاية الاسبوع مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد. وقال نصر الله يوم الأحد "لن نسمح بأن تمس سمعتنا وكرامتنا وان يتم التامر علينا وان يلبسنا احد ظلما وعدوانا دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولو ظنا او اتهاما." وأضاف أن دولا عدة تتدخل لاعادة ترشيح الحريري لتشكيل حكومة جديدة لكن المعارضة لن ترشحه مرة اخرى. ودافع نصر الله عن اسقاط الحكومة وقال "اسقاط الحكومة العاجزة قد يفتح الباب امام لبنان لتشكيل حكومة قادرة حكومة مسؤولة حكومة مخلصة حكومة تحمل العبء حكومة حاضرة تتابع وتعالج الامور وتتحمل المسؤوليات. "اسقاط الحكومة قد يفتح الباب. اما ابقاؤها فسوف يبقي الباب مسدودا ولذلك كان واجبنا الوطني والاخلاقي ان نذهب الى اسقاط الحكومة."