أن زيارة أوباما للمنطقة العربية تحركت بخط الاستعراض الكلامي و التمثيل أمام كاميرات التلفزيونات العالمية فرؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية كما هو معروف هم موظفين غير معلنين لشركات النفط والسلاح وقوي رأس المال للشركات العابرة للقارات , كما كان كارتر و ريغان و بوش الصغير ...الخ. أن ما حصل في زيارة أوباما كان الثبات علي دعم الكيان الغاصب و تكملة للانحياز الأمريكي الغير أخلاقي القديم المتجدد للصهاينة و لذلك تحركنا بالقول أنها زيارة "أعلام" و ليست زيارة "أفعال " و لكنها قد تكون مقدمة لبداية ما يتم تداوله إعلاميا و في الصالونات السياسية المغلقة عن بداية لتسوية الملف السوري المعقد و المتشابك في ظل الصراع الدائر و المشتعل بين مشاريع متقاطعة لدول محورية بالمنطقة مع دخول الروس و الصينيون إلي المنطقة في ظل الصراع الدائر علي ثروات الغاز المكتشفة علي سواحل الشام و لبنان و فلسطينالمحتلة. في المنطقة حرب مفتوحة تتصارع و تتكامل مشاريع ضد مشاريع أخري فهناك مشروع الجبهة المشرقية التي تقوده سوريا لفرض تسوية علي الصهاينة يستعيدوا فيها الجولان و يعيدوا "جزء" من الحقوق الفلسطينية كتكتيك مرحلي أسسه الراحل حافظ الأسد ضمن مشروعه طويل الأمد الذي أعده ضمن الفريق القومي العربي البعثي"يسار" الحاكم لتحرير المنطقة العربية. و هناك مشروع الجمهورية الإسلامية المقامة علي أرض إيران و التي تتحالف مع المشروع القومي العربي السوري و تتكامل معه ضمن أهداف مشتركة و مصالح براغماتية صرفة , و الإسلاميون علي أرض إيران في مشروعهم يسعون إلي فرض نفوذ إمبراطوري إقليمي لهم يستطيعون من خلاله ضمان استمرار النظام الإسلامي الذي أقاموه علي أرض إيران. هذا كله بالضد من مشروع الاستكبار العالمي الساعي إلي أعادة تقسيم المنطقة العربية مذهبيا و طائفيا و خلق فوضي "خلاقة"! يقتل فيها العربي أخاه العربي و المسلم يقتل المسلم و تتفجر المنطقة كلها ليبقي الصهاينة أسياد الموقف و أسياد القوة الفعلية المسيطرين علي الأرض إلي أن يتم استنزاف كل ما في المنطقة من موارد طبيعية من نفط و القادم الجديد "الغاز". لتبدأ بعدها السيطرة من خلال المياه , و هذا موضوع أخر مهم. و لازالت المنطقة تشتعل و لم تنكشف الصورة علي أي مشروع سينتصر؟ و ماذا سيحصل؟ و وحده الزمن سيكشف لنا؟ لذلك زيارة أوباما الراقصة استعراضيا جاءت و إن كانت "إعلامية" و لكنها ضمن سياق مشروع و ليست اعتباطية و ليست حالة حماسية و من هنا يجب الإشارة إلي ما قيل عن دفع أوباما للصهاينة لتقديم اعتذار "شكلي" لا قيمة له علي أرض الواقع من النظام التركي , و لعل هذا يتحرك بالتعزيز للتحالف ما بين ما هو إسلام "أمريكي" و لست أقول إسلام "محمدي". لذلك نحن دائما نقول و نكرر علي أكثر من موقع أعلامي و مناسبة: أن علي الشعب العربي أن يعي حقيقة مهمة و هي أن الكيان الصهيوني هو مطرقة الاستكبار و الامبريالية الدولية لضرب أي حركة نهضة عربية حقيقية كما ضربوا حركة جمال عبد الناصر الذي حاول تحقيق نموذج حضاري و فشل بذلك , و كما أيضا سيضربون أي حركة نهضة عربية مشرقية مستقبلية ساعية للاستقلال الحقيقي , بغض النظر عن أسلامية هذه الحركة أو قوميتها أو حتي ماركسيتها. من هذا المنطلق نقول: أن استئناف المفاوضات الفلسطينية مع الصهاينة هو مضيعة للوقت الذي لا يملكه الفلسطينيون و كسب للوقت الذي يريده الصهاينة لكي يستطيعوا الاستمرار في خلق حقائق جغرافية واقعية علي الأرض الفلسطينيةالمحتلة من خلال الاستيطان الممنهج الذي يفرض واقع علي الأرض يضر ما هو فلسطيني و يخدم ما هو صهيوني. و هذه كلها ضمن لعبة الخباثة الاستكبارية التي يتحرك فيها كل ما هو شر في العالم و منهم الصهاينة. أن الكلام عن شرعية دولية و قرارات للأمم المتحدة واجبة التطبيق علي الكيان الصهيوني أتصور أنها في خط التنظير الغائب عن وعي و أدراك ما وراء اللعبة و كشف الممحي. أن علي الفلسطينيين فرض واقعهم و العمل ضمن خطة و مشاريع طويلة الأمد للوصول إلي أهدافهم المحقة. أن مشكلة الشخصية العربية أنها شخصية عجولة مستعجلة تتحرك بالعاطفة و الانفعال, و تريد أن تحقق النصر كحالة سينمائية سريعة و هذا كله"وهم" كما هو الفيلم السينمائي "وهم". و الطرف الأخر من الصراع وهم الصهاينة و الاستكبار يستغل هذا الجانب السلبي من الشخصية الاجتماعية العربية و يوظفه لصالح أنجاح مشاريعه بالمنطقة لذلك نقول: أن استعراض من هنا لزيارة رئيس دولة من هنا أو افتعال أي حدث أعلامي من هناك لن يفيد قضية شعبنا في فلسطينالمحتلة. أن علي القيادات الرسمية و الشعبية الفلسطينية التفاهم علي مشروع استراتيجي يخدم أهدافهم بالتحرير و حق العودة و تعويض المتضررين من هذه الغزوة الاستعمارية المستمرة منذ أكثر من نصف قرن. لذلك الوحدة الداخلية الفلسطينية مهمة و حيوية و حساسة , لكي يتم الاتفاق علي مشروع استراتيجي يتحركون فيه كما يتحرك الآخرون من حولهم , و علي الأقل يستطيعون التكامل مع مشاريع دولية للآخرين كمشروع الجبهة المشرقية الذي تقوده الدولة السورية أو مشروع الجمهورية الإسلامية المقامة علي أرض إيران الذي يحاول أن يفرض واقع إقليمي بالمنطقة. أن أوباما زار المنطقة و لكنه لم يشاهد شيئا لأنه ينظر بعين "الشر" و ليس بعين "الخير" لذلك لم يشاهد جدار الفصل العنصري و لم يحاول العمل علي وقف الاستيطان , لأنه شرير من أشرار العالم و يتحرك بالخط الصهيوني . أن حل القضية الفلسطينية هي "بفرض حل فلسطيني "علي الشر العالمي و ليس حل القضية هي بقبول فلسطيني لحل من الآخرين. أن علينا كعرب أن نعي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أكبر بلد منافق بالعالم وهي قائدة للاستكبار و لكل ما هو شر في العالم و هي بلد يقوده إبليس الرجيم! و تتحرك بوجهين بازدواجية للمعايير والقيم و لكنها دولة وقحة تقتل الناس و الشعوب و لكنها تريد للتاريخ أن يسجل لها أنها بلد الحرية و الديمقراطية و السعادة و الزهور و هي من تضع أشواك القهر و العبودية بكل مكان في الدنيا. أن الرئيس الأمريكي أوباما "رقص" و قدم استعراضه التمثيلي أمام الإعلام علي أرض فلسطينالمحتلة المستعمرة بغرباء و أوباش الأرض منذ أكثر من نصف قرن , لقد قدم أوباما وصلته الراقصة علي جراح العرب. و علينا نحن العرب أن نتجاوز الاستعراض الإعلامي و الاستعجال و أن نقدم لأنفسنا خطط تكاملية نحو أهدافنا لتحقيق النهضة للمجتمع و السعادة للفرد بعيدا عن استعراض الكلمة و لكن نحو فعل الواقع الذي يصنع التغيير. فهل نفعل؟ الدكتور عادل رضا