إن الله جل جلاله قد اوجد عوالم عظيمة يدرك الإنسان القليل منها , و يجهل الكثير الذي لا يعلمه إلا الله تعالى , و قد خلق هذه الحياة , و قدر فيها المصائب و الشدائد على عباده المؤمنين , فقال تعالى : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) 49/ القمر , و قال تعالى : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله و من يؤمن بالله يهد قلبه و الله بكل شيء عليم ) 11/ التغابن , والمصائب و الشدائد و المحن كثيرة في هذه الحياة مثل : نقص الأموال و الأنفس و الثمرات , و حلول الخطوب و الشدائد و الآفات و المحن لحكم عظيمة , و فوائد جليلة , و تكون هذه المحن للمؤمن منحا وخيرا عظيما , و فيها ثمرات كثيرة يجهلها المسلم تعود على مسلم أو جماعة من المسلمين كالابتلاء و تمحيص الذنوب و الخطايا , حتى الشوكة يشاكها المؤمن و زيادة الأجر و الثواب و رفع الدرجات , و زيادة الإيمان و قوة الصبر و الاحتساب قال تعالى : ( و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون ) 155, 156/البقرة , و قال تعالى : ( و ليمحص الله الذين آمنوا و يمحق الكافرين ) 141, آل عمران . فالمؤمن بالقضاء و القدر يكون قلبه مطمئنا لما يصيبه من أقدار الله تعالى لأنه يعلم من هدي الرسول صلى الله عليه و سلم ما أخطأه لم يكن يصيبه , و ما أصابه لم يكن ليخطأه , فيزيد إيمانه بالله , و يبلغ أعلى الدرجات و المنازل , و يستفيد منها مواعظ و عبرا , فيبتعد عنه الجزع و اليأس و القنوط من رحمة الله , و يتوكل على الله و يبتعد عن التواكل , و يأخذ بالأسباب التي تحقق له سعادة الدارين . و قد تكون المحن لا قدر الله بأسباب الذنوب و المعاصي و التقصير في حقوق الله تعالى , أو حقوق العباد قال تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) 30, الشورى , فيكون ذلك سبيلا لتغيير السلوك و محاسبة النفوس على هذا التقصير قبل يوم الحساب , و تدل على ضعف المسلم , و أنه في الرخاء يكون منشغلا في هذه الحياة , مقصرا في بعض حقوق الله و الواجبات , أو مخطئا في حقوق الآخرين, و إنه في الكرب و الشدة مفتقر إلى الله تعالى , فيكون ذلك سببا في التذلل و الخضوع بين يدي الله تعالى في هذه الشدائد و المحن , و يستشعر المسلم العبودية لله المعبود الحق ,و يكون أكثر إخلاصا , و أشد تعلقا بالله تعالى , و هذا ما يحبه الله من عباده المؤمنين , فالله عز و جل يحب عباده حيث وصف نفسه بصفات عظيمة تدل على رحمته بخلقه جميعا مثل : الرحيم , الغفور , الرحمن , الودود , اللطيف ,الحليم , الشكور , الرزاق , الوهاب , الكريم , العفو , التواب , الحكيم .