مع اقتراب العيد و المناسبات السعيدة، يكثر الحديث داخل المجالس النسائية والمنتديات عن وصفات للجمال وطرق العناية بالبشرة. وتتبارى السيدات والفتيات في ترشيح الأطباء وأفضل الخلطات للحصول على بشرة بيضاء صافية! هذا الهوس الشديد للحصول على بشرة بيضاء يثير حيرتي ويدفعني للتساؤل: هل البشرة البيضاء رمز للجمال الحقيقي، وهل البشرة القمحية أو السمراء تعاني من عيوب؟! المرأة العربية وهبها الخالق بشرة تسحر الألباب تحسدها عليها نساء الكون، حتى الشقراوات منهن يتمنين الحصول على بشرة كبشرة المرأة العربية، لكنها تتخلى عن تلك الهبة الربانية للركض خلف وهم البياض!. البعض يرى أنّ السبب الحقيقي وراء ركض النساء العربيات والآسيويات وحتى الأفريقيات منشأه الرجل، فالكثير من الرجال يفضل الاقتران بذوات البشرة البيضاء والفاتحة، مما يخلق لدى المرأة شعوراً بالخوف وعدم الاستقرار في حياتها الزوجية، أو الخوف من العنوسة بالنسبة لمن لم تتزوج بعد. وللأسف الشديد أنّ وسائل الإعلام العربية تدعم تلك النظرية بما تبثه من إعلانات وتسويق لمنتجات التبييض، وتبني لفكرة أن المرأة البيضاء ذات العيون الزرقاء والشعر الأشقر هي رمز الجمال والإغراء، مما يرتد بشكل سلبي على نظرة المرأة لنفسها وجمالها، فتسعى لتغيير جلدها للحصول على بشرة بيضاء أو فاتحة من خلال استخدام خلطات مجهولة المصدر، أو الاستعانة بكريمات التبييض المكونة من مواد كيميائية مسرطنة، مما جعل المرأة العربية الأكثر إنفاقاً في العالم على مستحضرات التجميل وكريمات التبييض. وبعض السيدات وقعن تحت تأثير بائعات الوهم اللاتي ينشطن في المنتديات النسائية والقنوات الفضائية، فتعرضن للنصب وخسرن مبالغ طائلة بسبب تلك الرغبة المجنونة في الحصول على بشرة بيضاء وخالية من الشوائب و الذي زرعته وسائل الإعلام في عقولهن، وتناسين أن الله خلقنا من مختلف الألوان ولكل بيئة ما يناسبها من درجة لونية تتوافق مع أجوائها وطبيعتها, وقد بلغ التهور عند بعض السيدات أن يشترين حبوباً وإبراً تباع في المنتديات وفي بعض العيادات بشكل سري على أنها خاصة بالتبييض وتنقية البشرة، وهي في حقيقة الأمر خاصة بمرضى البهاق و التي لا تستخدم إلا لمن أبتلي بفقدان صبغة الميلانين الداكنة. إحدى الفتيات من الباحثات عن البشرة البيضاء دفعت الثمن غالياً حينما استخدمت إبرة مجهولة المصدر خاصة بالتبييض اشترتها من أحد المواقع الإلكترونية، فقد أصيبت بالفشل الكلوي وخسرت صحتها، وهذا مؤشر خطير على حجم الهوس وتلك الرغبة المجنونة التي سيطرت على عقول تلك النسوة، ورغم عشق الأوروبيات للبشرة البرونزية إلا أنهن لا يخاطرن بصحتهن كما تفعل نساء العرب، ولم أسمع يوما بأوروبية تحقن نفسها بإبره لتصبح برونزيه البشرة، بل يكتفي معظمهن بحمام الشمس أو جلسات التسمير في الصالونات الخاصة، أما نساء العرب فهنّ للأسف عاشقات لكل ما هو خطير. رغم التحذيرات الدائمة من الآثار الجانبية لتلك الإبر والحبوب المنتشرة في المنتديات النسائية، وتلك الكريمات التي تسببت بتشويه وجوه كثير من الفتيات، إلا أنها لا تزال تلقى إقبالاً كبيراً من السيدات والفتيات!. هذا الهوس بالخلطات وكريمات التبييض يجعلني أطالب بضرورة نشر التوعية بين النساء في وسائل الإعلام حول الجمال ومفهومه، وتعزيز الثقة في النفس, والقناعة بما منحنا الله من عطايا. همسه لكل امرأة عربيه مهما كانت النتيجة المرجوة من هذه الإبر, و تلك الكريمات فهي لا تستحق التضحية بالصحة ودفع مبالغ طائلة للمجازفة و الوقوع في مشاكل صحية أنتي في غنى عنها. د.نوف علي المطيري