تعددت المحاولات لإخراج المرأة من دائرة الكعبة. فقبل ثلاث سنوات اقترحت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منع النساء من الصلاة في صحن الكعبة. وكان ذلك بمثابة جس نبض وتمهيد لفكرة منع النساء من الطواف في الدور الأول. ردة الفعل حالت دون تحقيق تلك التوصية فلم يفعلها السلف ولا سند فقهي لها. وانتهى الأمر بتضييق المساحة المخصصة للمرأة في الصحن، فعزّ عليها الجلوس بجوار الكعبة أو التمتع بالصلاة خلف مقام إبراهيم (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وبدا كأن العبادة من خصوصيات الرجال! وحتى في سُنة الطواف يُعجّلونها فهذا ليس مكانها! وصار استلام وتقبيل الحجر الأسود حكراً على الرجال ومن سابع المستحيلات للنساء! وأقصى أمل أن تلمس الحجر اليماني! قبل شهر أكرمني الله فاستلمته مرتين فنهاني مطوع: مرة واحدة فقط هذه بدعة! وأكملت الطواف فعلق آخر: غطي وجهك! اندهشت ما أغربها من وظيفة! رجل أمام الكعبة لا يغض بصره! والمجادلات في الحرم لا تأبه لحرمة المكان. تحت أستار الكعبة تلاسن مطوع مع رجل لمس أحجارها ومسح على بدنه، فشتمه (أنت صوفي) فرد (وأنت وهّابي)! ويا للمفارقة! يقف الرجال بالساعات متعلقين بأستار الكعبة من الأربع جهات بينما المرأة تلامسها من نصف جهة لدقائق فيطاردونها هذه بدعة! حتى النظر للكعبة من بعيد كثير على النساء! فالحواجز من كل جانب! يوهمونها أنها جوهرة مصونة وهي مسجونة. ولا أدري كيف يجوز حرمانها من عبادة "النظر للكعبة"؟ وهل هي متبرجة لنغطيها؟ الاختلاط في الحرم مشروع وصلاة النساء دون حاجز هدي نبوي. روت فاطمة بنت قيس: (إنه نودي في الناس أن الصلاة جامعة، قالت فانطلقت فيمن انطلق من الناس، قالت فكنت في الصف المقدم من النساء وهو يلي المؤخر من الرجال). وغير معقول أن تقطع مسلمة آلاف الأميال شوقاً لحرم الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، فيفتيها البعض "صلاتك في بيتك أفضل من صلاتك في الحرمين الشريفين"! أين حديث (لا تمنعوا اماء الله بيوت الله)؟ وألم ترتاد وتعتكف أمهات المؤمنين في المساجد؟! شئ شبيه حصل في الحرم النبوي الشريف قبل سنين ونجح في حرمان المرأة من المواجهة الشريفة وجزء كبير من الروضة. تيار التضييق على المرأة ومحاولة تطفيشها في عباداتها خطير. القلب الفارغ ستملؤه مسلسلات تركية على سباق أغاني على "شات" على مواقع إباحية! التاريخ يروي لنا توسعات عديدة للحرمين الشريفين كانت هي الحل للزحام. أعطوا المرأة حقها في المواجهة والروضة الشريفة، وأعطوها مساحات متصلة من صحن الكعبة حتى المسعى. فسر ابن باز حديث (النساء شقائق الرجال) "مثيلات الرجال إلا ما استثناه الشارع". لم يُعرف عن أحد أنه استثنى النساء من الحرمين الشريفين!!