يقول ولد صغير اسمه أسامة محمد، يعيش مع أسرته في وادي سوات في باكستان: إنه لا يعرف عن سميه أسامة بن لادن إلا أنه كان "يسافر هنا وهناك". وقال الولد البالغ من العمر تسع سنوات، قبل بضعة أيام من الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدة: "هو كان (أسامة بن لادن) في أفغانستان معظم الوقت". وُلد أسامة محمد بعد ستة أشهر من هجمات سبتمبر عام 2001، التي كان أسامة بن لادن عقلها المدبر. وغزت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها أفغانستان في أكتوبر عام 2001، حيث كان يُعتقد أن ابن لادن هناك. وأصبح ابن لادن خلال بضعة أيام المطلوب الأول في العالم الغربي ورمزاً للتشدد والعداء للغرب. وأطلق اسم أسامة على كثير من المواليد في أعقاب الهجمات مباشرة. لكن محمد رازم، والد أسامة، ذكر أنه لم يقصد أن يمنح ابنه اسم زعيم تنظيم القاعدة، لكنه أراد منحه اسماً عربياً استمراراً لتقاليد أسرته المسلمة. وقال الأب: "نحن لا نعرف شيئاً عن ذلك الرجل (أسامة بن لادن) وأنشطته. ونسمع أموراً كثيرة عنه. البعض يقولون إنه في أمريكا والبعض يقولون إنه في باكستان، بينما يقول آخرون إنه في أفغانستان. والآن يقال لنا إنهم قتلوه. لا فكرة لدينا على الإطلاق عما حدث له". وعندما وُلد أسامة الصغير يوم 11 مارس عام 2002 في قرية سيدي شريف بوادي سوات، كان أسامة بن لادن مطارداً، لكن المتشددين الإسلاميين اعتبروه بطلاً أسطورياً ومدافعاً عن الإسلام في مواجهة القوى الغربية. وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر شهدت المدن الباكستانية المختلفة العديد من مظاهرات التأييد الحاشدة لأسامة بن لادن. وذكر محمد رازم أن ابنه أسامة وُلد نابهاً وفاز بجوائز عديدة في مدرسته خصوصاً في الأنشطة الرياضية. وعزا أسامة تفوقه الرياضي لسماح المدرسة له بالاشتراك في الأنشطة الصعبة "بسبب اسمي". وقال الولد: "لا أحد يقول لي إنني مثل أسامة (بن لادن). لكنهم يدعوني أشترك في كل الألعاب.. كل الألعاب الصعبة". وكانت هجمات سبتمبر عام 2001 نذير شؤم لسكان منطقة سوات التي تقع على بعد 133 كيلومتراً شمال غربي إسلام آباد، وتتمتع بعناصر ممتازة للجذب السياحي. وفي عام 2007 بدأ أعضاء حركة طالبان الفارون من أفغانستان هرباً من مطاردات القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة إلى باكستان، يبسطون سيطرتهم على سوات لتبدأ بذلك موجة من أعمال العنف في تلك المنطقة التي كانت تنعم بالهدوء. وفي مطلع عام 2009 سيطر مقاتلو طالبان على البلدة الرئيسية في وادي سوات التي فر منها آلاف من سكانها. وزادت حملة عسكرية لطرد مقاتلي طالبان من معاقلهم في سوات، معاناة السكان المسالمين. وقال محمد رازم والد أسامة: "قبل 11 سبتمبر كان البشتون يشتهرون بحسن وفادتهم وشهامتهم. لكن بعد تلك الواقعة صُوروا كإرهابيين وبات الوضع في سوات بصفة خاصة سيئاً جداً. تراجع كل شيء بعد 11 سبتمبر سواء في قطاعنا الفندقي أو في أعمالنا". ورغم مرور قرابة عامين على اجتياح الجيش الباكستاني لوادي سوات للقضاء على حركة طالبان، لم تعد الحياة بعد إلى طبيعتها في المنطقة. فما زالت الفنادق تؤوي ضباط الجيش ولا توجد خطط واضحة لمساعدة قطاعي السياحة والزراعة على التعافي من الانهيار الذي منيت به خلال المواجهات بين قوات الأمن والمتشددين. ويقول سكان الوادي: إن الحرب على الإرهاب لم تنته حتى بعد أن نجحت مجموعة من القوات الخاصة الأمريكية في قتل أسامة بن لادن بمخبئه قرب إسلام آباد في مايو. ويعيش معظم أهالي المنطقة في خوف من أن يؤدي بطء التعافي الاقتصادي إلى إهدار المكاسب العسكرية ويهيئ المجال لعودة المتشددين. لكن تلك الاعتبارات لا تسبب أي قلق لأسامة الصغير في سوات. وقال الولد: "أصدقائي لا يتهكمون علي بسبب اسمي. يقولون إن اسمي جميل جداً. يعجبهم اسمي لأنهم أصدقاء أعزاء". وأشار استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2010 في بلاد يغلب المسلمون على سكانها، إلى تراجع هائل في نسبة التأييد لزعيم تنظيم القاعدة مقارنة بنتائج استطلاع سابق أجري عام 2003. فقد أِشارت نتائج الاستطلاع إلى تراجع نسبة التأيد لابن لادن في باكستان من 52 % في الاستطلاع السابق إلى 18 % عام 2010.