تبنى قادة دول مجلس التعاون الخليجي اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالانتقال إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد لمواجهة "التحديات"، عبر تشكيل هيئة تتولى دراسة الملف من جميع جوانبه، وحددوا جدولاً زمنياً قصيراً جداً لا يتجاوز شهرين ونصف من أجل إنجاز الدراسة، ما يدل على إدراك القادة لأهمية الفكرة وتقديرهم أيضاً لأهمية الوقت في ظل تسارع الأحداث وتزايد الأخطار والمؤامرات التي تستهدف دول الخليج، خاصة من قبل إيران. وأنشئ مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، ومن بين أهم أهدافه في ذلك الوقت الاستجابة لمخاوف إقليمية عدة، أبرزها الثورة الإيرانية وسعي طهران لتصديرها إلى الخارج والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج، فيما رأت تقارير غربية خلال اليومين الماضيين أن الدعوة التي وجهها خادم الحرمين للانتقال إلى مرحلة الوحدة جاءت استجابة للمخاوف نفسها التي أصبحت اليوم أكبر بكثير، خاصة في ظل البرنامج النووي الإيراني ورغبة طهران في تصنيع سلاح نووي، إضافة إلى التجارب الصاروخية التي تجريها بشكل دوري، ومناوراتها المستمرة في الخليج. وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قال في مؤتمر صحفي عقب الجلسة الختامية للقمة الخليجية الأخيرة بالرياض: إن التهديدات المستمرة للجزر الإماراتية والمناورات العسكرية الإيرانية في المياه الإقليمية: "لا تدل على حسن نوايا"، فيما يرى تيودور كاراسيك، الخبير بمعهد الخليج والشرق الأدنى للتحليل العسكري ومقره دبي، في حديث لوكالة "بلومبرج" الأمريكية قبل أيام أن "السعودية تسعى لإنشاء جبهة موحدة ضد إيران". وكمعظم التحالفات والاتحادات التي شهدها التاريخ الحديث، فإن تكوين تعاون عسكري شامل وموحد وقوة ردع قادرة على حماية أعضاء الاتحاد يعد من الأسباب الرئيسية وراء قيامها، إضافة إلى أهداف أخرى لا تنفصل عنها، كتوحيد الجهود الدبلوماسية والسياسة الخارجية، وكذلك الأهداف الاقتصادية.
قوة جوية ضعيفة رغم أن العديد من المحليين الغربيين لا يرجحون أن تشن إيران حرباً مباشرة على أي دولة خليجية، في الوقت الحالي على الأقل، إلا أنهم لا يستبعدون أن تستخدم طهران صواريخها أو قواتها البحرية لاستهداف منابع النفط بالخليج أو الناقلات، في حال تعرضها لضربة أمريكية أو إسرائيلية، وهو ما هددت به طهران مراراً، في الوقت الذي تصدر فيه تهديدات متكررة من قبل إسرائيل بأنها لن تسمح لطهران بامتلاك السلاح النووي، وتلمح من حين لآخر بأنها ستستخدم قواتها الجوية الحديثة لاستهداف منشآت طهران النووية. وبحسب موقع "قلوبال سيكيورتي" المتخصص في الأمن والدفاع، فإن القوات المسلحة الإيرانية تتكون من 545 ألف جندي، موزعة على 4 قطاعات، هي القوات البرية (465 ألف جندي) والبحرية (28 ألف جندي) والقوات الجوية والدفاع الجوي (52 ألف جندي)، إضافة إلى الحرس الثوري الإيراني المكون من 120 ألف جندي، موزعين على 4 أفرع، هي: القوة البحرية والقوة الجوية والقوة البرية وقوات القدس الخاصة. ولا تمتلك إيران سلاحاً جوياً قادراً على شن هجمات جوية خارجية، أو الدخول في معارك جوية مع دول متقدمة في ذلك المجال كالسعودية، فبحسب تقرير أصدره "مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية" بواشنطن، فإن سلاح الجو الإيراني يمتلك طائرات قديمة تعاني من نقص شديد في الصيانة، كما تعتبر المقدرات التكنولوجية المتوفرة للقوات الجوية الإيرانية قديمة مقارنة بالقوات الإقليمية الأخرى، كالقوات الجوية الملكية السعودية أو القوات الجوية الإماراتية، ويعود السبب في ضعفها إلى تغير مصادر الواردات العسكرية الإيرانية منذ ثورة 1979 عندما انقطعت الواردات من السلاح الغربي وبدأت إيران تعتمد على الصين والاتحاد السوفيتي، علاوة على دول شرق أوروبا، لتوفير المعدات العسكرية. وتمتلك إيران نحو 300 طائرة قديمة الصنع (يشمل ذلك طائرات النقل)، منها "إف – 14 إي توم كات" الأمريكية، التي تحاول طهران إبقاءها في الخدمة رغم نقص قطع الغيار، إضافة إلى طائرات فرنسية قديمة من طراز "ميراج"، وروسية من طراز "ميج"، وصينية قديمة أيضاً من طراز "شنيانغ إف -6" التي تطير بالمراوح. ولا توجد دراسة حديثة حول حجم الإنفاق العسكري الإيراني، غير أن هناك تقارير تقول إن طهران أنفقت في عام 2008 نحو 9.17 مليار دولار، وهو مبلغ لا يقارن بإنفاق دول الخليج.
قوارب انتحارية في الخليج وبسبب توقف واردات السلاح الغربي، لجأت إيران لصناعة السلاح محلياً، حيث تشكل قوتها البحرية والصاروخية الخطر الأكبر على أمن الخليج، خاصة القوات البحرية التابعة للحرس الثوري. وتمتلك إيران 5 فرقاطات و 3 طرادات وجميعها محدودة الإمكانيات، إضافة إلى 26 غواصة ما بين روسية قديمة، وأخرى مصنعة محلياً من النوع القصير الذي يعمل بالديزل، غير أن الخطر يكمن في القوارب الهجومية السريعة التي تمتلك منها إيران نحو 24 مجهزة بصواريخ مضادة للسفن يمكن أن تستهدف ناقلات النفط، إضافة إلى عشرات ال "قوارب الانتحارية" السريعة التي صنعتها طهران، ويعتقد أنها صممت لتحمل متفجرات تحدث أضراراً بالغة بالسفن عند اصطدامها بها، ودربت 3 آلاف بحار انتحاري للعمل على تلك القوارب، حسبما قالت صحيفة "ذا صن" البريطانية في تقرير نشرته العام الماضي. صواريخ تهدد المنطقة يتحكم الحرس الثوري الإيراني في القوة الصاروخية الإيرانية، ويزعم أن لديه الآلاف من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، منها "شهاب" البالغ مداه أكثر من 2000 كلم، ويمثل قوة الردع الرئيسية لدى طهران، وفي حال صنعت إيران سلاحاً نووياً فإنه من المنطقي أن يكون تحت تصرف الحرس الثوري. وفي يوليو الماضي، حذر عميل سابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية من أن الصواريخ الإيرانية يمكن أن تصل السواحل الأمريكية قريباً. وقال الجاسوس الذي أطلق على نفسه اسم رضا كحليلي في مقال بصحيفة "واشنطن تايمز": إن إيران تطور قدراتها على ثلاث جبهات، هي الأسلحة النووية والصواريخ والقوة البحرية. وأضاف الجاسوس: نجح الحرس الثوري في تجربة صاروخين عابرين يمكنهما حمل رؤوس نووية في المحيط الهندي، ويبلغ مدى هذه الصواريخ 2000 كيلومتر، ويمكنها استهداف كافة القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط وكذلك إسرائيل، والآن بدأت إيران تحصل من كوريا الشمالية على صواريخ يتجاوز مداها ثلاثة آلاف كيلومتر وهو ما يعني أنها تستطيع ضرب معظم أنحاء أوروبا الغربية.
"الاتحاد الخليجي" يتفوق عسكرياً تنفق دول الخليج مبالغ طائلة سنوياً على التسلح والتدريب بسبب المخاطر المتزايدة في المنطقة، ومنها التهديدات الإيرانية المتواصلة، وتعتبر السعودية والإمارات من أكثر الدول العربية إنفاقاً على التسلح، فيما سجلت السعودية نقلة كبيرة في قدراتها العسكرية خلال السنوات القليلة الماضية وأصبحت تملك أقوى وأحدث سلاح جوي ودفاعي على مستوى العالم العربي، حسبما أكدت تقارير أمريكية وبريطانية خلال الأسبوع الجاري. وركزت السعودية بشكل خاص على بناء قوة جوية رادعة ودفاع جوي يستطيع حماية أراضيها، ومن أبرز الصفقات التي أبرمتها هذا العام تطوير صواريخ "باتريوت" الدفاعية إلى النسخة الثالثة والأحدث، ويطلق عليها "باك 3". وفي حال تحقق "الاتحاد الخليجي" فإن دول الخليج ستتفوق عسكرياً وبشكل كبير على إيران، وستمتلك قوة ردع ضاربة ستجبر إيران على التفكير أكثر من مرة قبل التورط في حرب معها، علماً أن السعودية تتفوق اليوم على إيران في عدة مجالات عسكرية، كالقوة الجوية والدفاع الجوي، إضافة إلى امتلاكها سفناً حربية بتقنيات متقدمة لا تمتلكها طهران.
قوة جوية تقلب الموازين تملك السعودية أكبر أسطول من طائرات "إف-15" في الشرق الأوسط، والثالث على مستوى العالم بعد الولاياتالمتحدة واليابان، حيث إن لديها اليوم نحو 70 طائرة "إف -15"، يضاف إليها عدد من طائرات التورنادو البريطانية. كما تملك السعودية 24 طائرة من طراز "تايفون" الأوروبية، وهي من أحدث الطائرات في العالم، وستكتمل قريباً ليصل العدد الإجمالي إلى 72، إضافة إلى 84 طائرة من طراز "إف- 15 سايلنت إيقل" أعلنت الولاياتالمتحدة قبل أيام أنها ستبيعها للسعودية، وأكدت أنها ستحمل تقنيات هي الأفضل عالمياً، وبذلك ستمتلك السعودية أكثر من 220 طائرة حديثة من طرازي "إف – 15" و"تايفون "، مجهزة بأفضل الأنظمة التكنلوجية التي تم التوصل إليها اليوم، وهي بشكل عام قادرة على توفير مظلة حماية لأراضيها ولجميع دول الخليجية. وبحسب ما ذكرته وكالة "بلومبرغ" في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، فإن أول دفعة من طائرات ال "إف – 15" الجديدة ستصل للسعودية في أواخر العام 2014، أو أوائل العام 2015، وسيخضع نحو 5500 في القوات الجوية السعودية للتدريب في الولاياتالمتحدة، فيما سيبدأ تحديث طائرات ال "إف-15" التي تملكها السعودية حالياً في أواخر العام 2014. وتناقلت مواقع غربية خلال الأيام القليلة الماضية، وتحديداً بعد إعلان السعودية والولاياتالمتحدة عن إتمام تفاصيل صفقة الطائرات، تقارير حول تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط، وظهور مخاوف بأوساط اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة حول أن صفقة التسلح السعودية قد تجعلها تتفوق في عدد من الجوانب على إسرائيل، خاصة مع التعقيدات التي تمر بها صفقة ال "إف-35" التي كانت تضمن لإسرائيل التفوق جوياً بالشرق الأوسط. تجدر الإشارة إلى أن السعودية ركزت في تسليح طائراتها منذ الثمانينيات على الصواريخ المضادة للسفن مثل صواريخ "Sea Eagle" التي تستطيع إغراق سفن كبيرة كحاملات الطائرات، والقنابل الموجهة بالليزر، والصواريخ المتعددة الأغراض كصواريخ الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء، وغيرها من الصواريخ والقنابل الذكية التي اشترتها مؤخراً. الإمارات تملك أيضاً قوة جوية تعتبر الثانية بعد المملكة، حيث إن لديها نحو 80 طائرة "إف – 16"، إضافة إلى 60 طائرة "ميراج 2000"، و 30 أخرى وقعت عقداً لشرائها في العام 1998، وحالياً دخلت في مفاوضات مع فرنسا لشراء 60 طائرة حديثة من طراز "رافال". وتمتلك بقية دول الخليج عشرات الطائرات من طراز "ميراج 2000 " و "إف 18 هورنيت" و "إف – 16 " و "نورثروب إف – 5" و "جاغوار"، ما يعني أنه في حال اتفقت دول الخليج على تكوين اتحاد بأي شكل من أشكاله، فإنها ستملك قوات جوية قوامها مئات الطائرات الحديثة التي ستبث الرعب في قلب أي معتد.