حول إنشاء ميناء يلملم، ميقات السعدية التاريخي القديم إلى بيت مهجور، بعدما كان يعتبر موقعاً مهماً للقادمين من اليمن وجنوب المملكة، في وقت كشف الأهالي ل "سبق" أن معاملة التأهيل والتجديد لمسجد الميقات مر عليها عام، ولم تتم الإستجابة من قبل وزارة الأوقاف. وازدادت أهمية الميقات على مدى العصور الإسلامية بتزايد وفود حجاج بلاد الهند والسند، الذين كانوا ينزلون في طريق ميناء الليث، منطلقين في مسيرة يوم ونصف اليوم إلى البيت الحرام. وقد وجّه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- لمينائي الليث والقنفذة باستقبال الحجاج أثناء حصار جدة، وكان للحجاج خدام في الليث تتمثل في مضافتي آل باعفيف والمجايشة، حيث يقومون بخدمة ضيوف بيت الله المعتمرين والحجاج القادمين عن طريق البر والبحر.
وبالرغم من هذه المكانة الإسلامية والتاريخية لهذا الميقات، إلا أنه قد اندثر تماماً بعد إقامة ميناءٍ محاذٍ له، وهو ميقات " يلملم " فحاله اليوم لا يسر الناظرين أو الزائرين، سواء من المعتمرين أو الحجاج أو ساكني مركز السعدية.
" سبق " قامت بجولة على ميقات السعدية القديم، ورصدت العديد من الصور والمواقف التي تُظهر للقارئ ما وصل إليه هذا الميقات من إهمال، بعد أن تحول لما أشبه بالبيت المهجور الذي تركه ساكنوه من عشرات السنين، بسبب الإهمال الذي وجده من إدارة الأوقاف والدعوة والإرشاد بالليث.
إهمال الأوقاف
وتحدَّث لنا في البداية مؤذن مسجد ميقات السعدية القديم سعيد بن صاطي الجحدلي قائلاً " مسجد الميقات لا يجد أي عناية أو اهتمام سواء من قبل أوقاف الليث أو حتى وزارة الأوقاف، فحالة المسجد أصبحت سيئة جداً خاصة في يوم الجمعة وفي مناسبات الأعياد، فلا يمكن له أن يتسع لأعداد المصلين الذين يقصدونه للصلاة؛ بسبب ضيق مساحته، بالإضافة إلى عدم توفر دورات مياه للنساء".
وأضاف أن دورات المياه الخاصة بالرجال غير كافية للزائرين من المعتمرين أو الحجاج أو المصلين، حيث لا يتجاوز عددها أربع دورات مياه فقط، كما أنها ضيقة من الداخل حيث لا تتسع لمن كانت بنيته الجسمانية كبيرة، ويضطر المصلون لقضاء حاجاتهم في الأرض الفضاء المحيطة بالمسجد.
وأشار العم سعيد إلى أنه تم الوقوف على المسجد من قبل مهندسين بأوقاف مكةالمكرمة، الذين أكدوا أنه لا يمكن صيانته، إذ لا بد من هدمه وبنائه من جديد، موضحاً " لقد طالبنا أوقاف مكةالمكرمة من خلال معاملة رسمية بطلب بناء مسجد جديد، وتم إحالتها لأوقاف الليث، والتي تم رفعها لوزارة الأوقاف بالرياض منذ العام الماضي.
ضيق المسجد يتسبب في الإحراج
أما إمام مسجد الميقات الشيخ صالح الجحدلي فقال إنه لا يوجد أي اهتمام أو مراقبة من قبل أوقاف الليث فيما يخص مسجد ميقات السعدية القديم.
وأضاف أن المسجد يستقبل أعداداً كبيرة على مدار العام من المعتمرين والحجاج، خاصة في موسمي رمضان والحج، يأتون من اليمن وجنوب المملكة، يُحرمون من ميقات يلملم وهو الميقات المحاذي لميقات السعدية القديم، ويصرون على زيارة الميقات القديم والصلاة فيه.
ويؤكد الشيخ صالح أن المسجد لا يوجد به مصلى للنساء، مضيفاً "قمنا بعمل هنجر حديد في زاوية المسجد كمصلى لهن، لكنه لا يتسع سوى لعدد قليل لا يتجاوز العشر فقط "، مشيراً إلى أن المسجد يعاني من ضيق في المساحة وقلة أعداد دورات المياه، وهي تضعهم في إحراج شديد مع الزوار والمصلين.
ويحكي الجحدلي أنه ذات مرة حضر عدة زوار من الرجال والنساء، مما جعله يدخل الرجال لدورات المياه أولاً ثم النساء بعدهم، لعدم وجود دورات مياه للنساء، ويؤكد أنه بلغه من أوقاف الليث أنه تم اعتماد مبنى جديد لمسجد ميقات السعدية القديم، لكنه مضى أكثر من عام ولم نر شيئاً.
زيارة الشيخ اللحيدان
المواطن سعود بن معصب الجحدلي من سكان مركز السعدية وممن يؤدون الصلوات الخمس يومياً في مسجد ميقات السعدية يقول " لقد زارنا عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح اللحيدان في عام 1426ه، وتفقد المسجد ووقف على جبل السعدية المجاور له وبئر السعدية التي تقع في الوادي، والتي تبعد عن المسجد ما يقارب من 700 متر فقط، وقد طالب المواطنون في ذلك الوقت برفع الموضوع للجهات المختصة".
بئر السعدية التاريخية
أما الشيخ عادل الحسناني فقال إن ميقات السعدية القديم يقع في مركز السعدية التي بها بئر السعدية، والتي بداخلها كتابات ونقوش قديمة وأثرية، وفيها مركز إمارة ومدرستان للبنين والبنات، والسعدية تبعد عن مكةالمكرمة 85 كيلومتراً.
وقد أجاز العلماء الإحرام من مسجد السعدية القديم أو من ميقات يلملم المحاذي له باتجاه طريق الساحل الدولي مكة – الليث – جيزان. وكان يحرم من هذه المواقيت حجاج اليمن وجنوب المملكة وإندونيسيا وماليزيا والصين والهند وغيرهم من حجاج جنوب آسيا، والآن أصبح الحج غالبه عن طريق الطائرات أو البواخر.
تيسير الطرقات
ويقول إمام مسجد ميقات يلملم (المحاذي) الشيخ عبدالرحمن الشنبري إن ميقات السعدية هو الميقات الأصل، وتجديد بنائه حاجة ماسة جداً، وبخاصة أنه أصبح الآن مهملاً، وأنه قد تم تعبيد الطريق الموصل لمكةالمكرمة وسفلتته، والذي يعتبر اقرب لمكة بكثير من طريق ميقات يلملم المحاذي.
مطالبات بتجديده
أما الشيخ محيا الجحدلي فقد أوضح " سافرت الرياض من أجله والتقيت نائب وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف، ونقلت له معاناتنا نحن سكان المنطقة، وحزننا العميق على ما يمر به مسجد ميقات السعدية القديم، والذي يعتبر تاريخاً مهماً في حياتنا كمسلمين، من إهمال وضيق في المساحة وقلة في دورات المياه".
وأضاف " طالبت وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف بإنشاء مسجد جديد على نفس الموقع، بعد هدم المسجد القديم، ووعدني خيراً، ثم قمت بمتابعة المعاملة في أوقاف منطقة مكة وأخبروني أنه تم اعتماد مبلغ أربعة ملايين ريال لإنشاء مسجد جديد، ومنذ العام الماضي وهم يرددون هذه المقولة أنه اعتمد له مبلغ يقدر بكذا وكذا، وسيبدأ العمل في هدم القديم وبناء مسجد جديد لكننا نسمع كلاماً ولا نرى فعلاً".