وضع وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الشيخ صالح آل الشيخ، في الطائف مساء أمس، حجر الأساس لمشروع مجمع خادم الحرمين الشريفين الخيري النسائي لتحفيظ القرآن الكريم، بحضور مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ . وبُدئ الحفل المعد لهذه المناسبة بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم، ثم ألقى رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف الشيخ الدكتور أحمد السهلي، كلمة رحّب فيها بمفتي عام المملكة ووزير الشؤون الإسلامية والحضور. وأشار إلى ما أنعم الله به على بلادنا بأن جعل فيها بيته المحرّم ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم وما أكرم به هذه الأمة بنزول القرآن الكريم وتعهده جل وعلا بحفظه، وما هيّأ له من أسباب وجعله ميسراً، موضحاً أن من هذه الأسباب التي تهيأت جمعيات تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في جميع أنحاء المملكة وما تقدمه الدولة لها من دعمٍ كبيرٍ، لافتاً أن مشروع مجمع خادم الحرمين الشريفين الخيري النسائي لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف دليلٌ واضحٌ على العناية بحفظ القرآن الكريم. وبيّن السهلي أن مشروع مجمع خادم الحرمين الشريفين الخيري النسائي لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف يُقام على الأرض التي منحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، للجمعية على مساحة 7663 متراً مربعاً . وعدَّ المشروع من أكبر المشاريع التعليمية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة، متوقعاً أن يرتاده يومياً ما متوسطه 4000 دارسة من مختلف الأعمار والمستويات والفئات، طيلة اليوم الدراسي الذي يتوزع على ثلاث فترات، مؤكداً أنّ المجمع يأتي من منطلق الهدف الاستراتيجي للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف، بإيجاد مراكز ومدارس نسائية لتحفيظ القرآن الكريم في كل حي وتطويرها والعناية بها، وذلك لمساعدة النساء من مختلف المستويات على تعلُّم كتاب الله تعالى وحفظه. وقُدِّم عرضٌ مرئيٌ عن مشروع مجمع خادم الحرمين الشريفين الخيري النسائي لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف، وجاء فيه أن المشروع يتضمن قسمين: الأول استثماري، يتكوّن من مبنيين عبارة عن محال ومعارض تجارية وشقق سكنية من أربعة أدوار. والقسم الثاني من المشروع هو المركز التعليمي، ويتكون من أربع وحدات رئيسة تشمل المركز النسائي الذي تستفيد منه الأمهات كبيرات السن والموظفات بالقطاعات الحكومية والخاصة والطالبات في المراحل المدرسية المختلفة وطالبات الجامعات والكليات وربّات البيوت والصغيرات ما قبل سن الدراسة حيث يقدم دورات عامة ومتخصصة في تحفيظ القرآن الكريم، إضافة إلى دورات مساندة في الحاسب الآلي والخياطة والتدبير المنزلي والأعمال اليدوية. كما بيّن العرض أن المركز يشتمل على مدرسة تعليم القرآن الكريم الأهلية للبنات حيث تعمل المدرسة بنظام صباحي لتعليم القرآن الكريم للبنات خاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم، وتتكون من 24 فصلاً بسعة 25 طالبة لكل فصل، فيما يتضمن القسم مركزاً إدارياً يضم جميع الإدارات والأقسام واللجان النسائية، إضافة إلى مركز للتدريب والتأهيل النسائي وصالة احتفالات رئيسة بمساحة 862م2 تتسع لأكثر من 1000 مقعد بارتفاع دورين، حيث سيتم استخدام الصالة في جميع احتفالات الجمعية نظراً لكثرة أعداد الدارسات في مراكز ومدارس الجمعية النسائية لتحفيظ القرآن الكريم التي يبلغ عددها حتى الآن 100 مركز ومدرسة يتعلم فيها أكثر من 35 ألف دارسة. بعد ذلك، ألقى عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الشيخ محمد القرني، قصيدة شعرية. وألقى مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ كلمة تحدث فيها عن أهمية تعليم القرآن الكريم وفضائله، وقال إن الله جعل للقرآن منزلة عظيمة ومكانة رفيعة، وقد حث على تلاوته وتدبر معانيه، وأمرنا باتّباع ما جاء به، وضمن الفلاح والسعادة مَن آمن به حق الإيمان، مؤكداً أن هذا القرآن العظيم جعله الله شرفاً لهذه الأمة، ومجداً وعزة لها، وأن تعلّمه وتعليمه شرفٌ وخيرٌ عظيم. وشدّد المفتي على أن في تعليم القرآن الكريم للأبناء من بنين وبنات فوائد عظيمة، فإذا تمكن في نفوسهم وتخلقوا بأخلاقه وتأثروا بمواعظه قادهم إلى الخير وحذرهم من الشر. وأكّد أن الشباب والفتيات في أمس الحاجة إلى تعلم القرآن وتعليمه وحسن تلاوته وإلى حفظ ما يسّر الله من حفظه لأنه مفتاح العلوم ومسهّل كل صعب لمن تدبر وتعقل. ومضى مفتي عام المملكة يقول إن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم وقيامها في هذا البلد لمن نعم الله على المسلمين، فهي جمعياتٌ خيرية أدّت مهمة كبيرة ومسئولية عظيمة، فأثرها في أئمة المساجد وخطبائها الذين التحقوا بحلقاتها فحفظوا القرآن وحسنت به تلاواتهم، وعلوا المنابر وتولوا المناصب الدينية فصار لهم أثرٌ صالحٌ في أمورهم كلها. وأضاف أن للقرآن الكريم أثراً عظيماً على مَن تعلّمه، فهو يهدي إلى مكارم الأخلاق وإلى فضائل الأعمال، مبرزاً سماحته حاجة الشباب إلى حفظ أوقاتهم من الضياع ودعاة السوء حتى ينالوا السعادة في الدنيا والآخرة. وأشار ألى أن هذا المشروع الخيري مصدر خير لهذه الجمعية، داعياً الله أن يجزي مَن تبرع به خيراً لأنه من باب التعاون على البر والتقوى. ولفت إلى أن البنات في أمس الحاجة أن يتعبدن الله في هذا القرآن الذي جعله الله شرفاً لهذه الأمة، وقال: لا فرق بين الذكر والأنثى، كلهم مطالبون بالعناية بالقرآن والاهتمام به، وإن الله جل وعلا يسّره تلاوة ويسّره حفظاً لمَن تعلّق به وأدّاه بإخلاص. وعبر الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عن أمله في أن يقوم هذا الوقف الخيّر على أحسن حال وأن يكون مصدر خير لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف ومعيناً لها على مهمتها، مفيداً أن الأوقاف على هذا المرفق العظيم من خير ما توقف به الأوقاف. وعدّ جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف من أفضل الجمعيات لنشاطها المتواصل واستمرار الخير الكثير منها الذي عمّ محافظة الطائف وتعدّى إلى غيرها، مثمّنا دور الجمعية ورعايتها ل 30 ألف فتاة و26 ألف شاب رغم السنوات المعدودة لقيامها، وهي نعمة من الله وفضل عظيم، وتعين بتوفيقه العبد على تحقيق مراده. وفي ختام كلمته سأل مفتي عام المملكة الله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين، وأن يعينه ويجزيه على هذا الوقف الخيّر، خيراً، وأن يوفق الله معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، على دعم هذه الجمعيات بكل ممكن وأن يساعد على دعمها وحثها على الخير. عقب ذلك، قام وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الشيخ صالح آل الشيخ، بوضع حجر الأساس لمشروع مجمع خادم الحرمين الشريفين الخيري النسائي لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف. وألقى وزير الشؤون الإسلامية كلمة أوضح فيها أن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وبدرء المفاسد وتقليلها، وجاءت بسد الذرائع الموصلة للشر، وبفتح الذرائع الموصلة إلى الخير، حامداً الله أن منحنا جميعا هذه المنحة العظيمة بأن كنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، سائلا الله تعالى، التوفيق لما بقي من أعمالنا في هذا الهدي، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين. وقال إن الدين الإسلامي دين الله تعالى الخاتم، وقد شهد بذلك ربنا جل وعلا والملائكة وأولو العلم، شهدوا أن الدين عند الله الإسلام، وأن دين الله الخاتم له موجبات ولوازم في أن يكون عمل العبد تحقيق هذا المقصد العظيم، وأن يكون الدين هو الديمومة لله تعالى في الدنيا لهذه الشريعة، وهذا الدين هو الإسلام خاتم الأديان وجامعها وأصلها لأن الأنبياء جميعا بُعثوا بالإسلام بمعناه العام، مؤكدا أن الواجب على كل الناس، وعلى وجه الخصوص، أهل العلم أن يكونوا متعاونين على البر والتقوى في تحقيق نشر الإسلام ونشر هدايته وأساسه كلمة التوحيد. وبيّن أن القرآن الكريم حجة الله الباقية وهي الهداية والتي لا يكون فيها غلو، بالتربية الصالحة من خلال فهم القرآن الكريم والسُّنة النبوية المطهرة على وفق فهم سلف هذه الأمة التي أعزها الله سبحانه وتعالى بالقرآن الكريم. وشدّد على أن العمل بما جاء في القرآن الكريم هو الطريق في الوصول إلى العمل الاجتماعي والتكاملي الذي يتضمن التعاون على البر والتقوى، مبيناً أن العمل مهما كان لا يُنجز بانفراد في هذا الزمن المعقد الذي تشترك فيه الأهواء في دفع الخير لا في دعمه. ورأى وزير الشؤون الإسلامية أن مشروع مجمع خادم الحرمين الشريفين الخيري النسائي لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف تحقق فيه التكامل بشتى صوره، واصفاً المشروع بأنه عمل صالح مبارك. وأفاد أن منزلة الأوقاف في شريعة الله منزلة عظيمة فهي حسنة من حسنات هذه الشريعة ولم تكن معروفة في الشرائع السابقة، مشيراً إلى أنه قد أخذت بها أمم كثيرة حيث أقامت عليها مستشفياتهم وجامعاتهم وأركان بحثهم وجمعياتهم الخيرية. وأكد أن الوقف من أعظم القربات إلى الله، لافتاً إلى أنه في القرنين الثاني والثالث الهجريين كانت أكثر أمور الدولة تُدار عبر الأوقاف من مساجد ودور علم وكتاتيب ومياه وطرق وغيرها، ولم يكن في منطوق سلفنا الصالح أن يُقال هذا واجب الدولة. وأبان أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف نظّمت حملات متنوعة لإنهاض الوقف في نفوس الناس، فحصل بذلك الخير الكثير للجميع عبر الجمعيات الخيرية ومكاتب الدعوة والأوقاف الصحية والتعليمية والمعاقين. وأزجى وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، على ما تحظى به الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم من دعم واهتمام من قبلهم، أيدهم الله، مشيرا في هذا الصدد إلى أوامر خادم الحرمين الشريفين، بدعم هذه الجمعيات بمبلغ 200 مليون ريال. كما عبّر عن شكره لمفتي عام المملكة ولمحافظ الطائف ولرئيس الجمعية، ولكل العاملين بها على جهودهم الخيّرة. وفي نهاية الحفل سُلّم المكرّمون الهدايا التذكارية المقدمة من الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم. حضر الحفل محافظ الطائف فهد بن معمر، ومدير جامعة الطائف الدكتور عبد الإله باناجه، وأمين الطائف المهندس محمد المخرج، وأصحاب الفضيلة المشايخ، وعدد من المسؤولين.