امتزج صوت إعلان ترويجي تبثه قنوات فضائية، يسوق للبرامج والمسلسلات الحصرية والمسابقات التي تنتظر المشاهدين في شهر رمضان المقبل، مع صوت خطيب الجامع في يوم الجمعة، الذي حرَّم الارتماء في أحضان الفضائيات خلال الشهر الفضيل، ودعا الناس إلى اغتنام فرصة الشهر في طلب الرضوان والمغفرة من الله، محذراً من أن الرضوخ لمسلسلات الفضائيات فيه إثم كبير. فيما ترى الفضائيات العربية أن الأيام الأخيرة من شهر شعبان هي أفضل فترة لبث إعلاناتها الترويجية؛ لتسوِّق بها أعمالها في شهر رمضان. ويخصص خطباء المساجد والمشايخ أوقاتاً كبيرة من دروسهم وخطبهم لمواجهة التأثير التلفزيوني في الشهر ذاته، ويدعون إلى استثمار الشهر في طاعة الله، والتقرب منه، وقراءة القرآن والذكر، مؤكدين أن كل ما يلهي العبد عن ذكر الله حرام. وتبتكر كل فضائية وسائل إعلانية تلفت النظر إليها، وتستعين بعض الفضائيات بأبطال مسلسلاتها الحصرية للمشاركة في إعلانات تروج لأعمالهم على القناة، تدعو المشاهدين إلى متابعتهم في الشهر الفضيل، وإلا فقدوا الكثير من المتعة. تشتيت الذهن وتتساءل المواطنة هيفاء عبدالله عن التنافر الكبير بين ما تروج له الفضائيات التجارية وما يحذر منه المشايخ والعلماء في مثل هذا التوقيت من كل عام، مشيرة إلى أن هذا التنافر يُفسد فرحة الكثيرين بشهر رمضان، ويرسخ لديهم حالة من التردد وعدم الفهم الصحيح لحقيقة ما يدور حولهم، وتشتت التفكير في كل تصرف يقومون به أثناء الشهر، وهل هذا التصرف يقع في دائرة الحلال أم في دائرة الحرام. وأضافت: تعودت الكثير من العائلات السعودية منذ سنوات مضت على مشاهدة التلفزيون في شهر رمضان؛ إذ يتجمع الأجداد والآباء والأبناء والأحفاد حول الشاشة الفضية لمشاهدة الأعمال الدرامية والبرامج المختلفة، وفي أوقات الصلاة ينصرف الرجال والأطفال إلى المسجد لأداء الفروض وصلاة التراويح، وتتجه النساء والفتيات للصلاة في المنزل جماعة، ثم يتجمعون مرة ثانية أمام الشاشة لمتابعة الأعمال الدرامية مرة أخرى حتى وقت متأخر من الليل. وتابعت: أتلقى أسئلة كثيرة من أبنائي الذين يسألونني هل متابعة التلفزيون حرام أم حلال؟ وهل مشاهدة المسلسل الفلاني أو المباراة الفلانية فيها إثم كما يسمعون من شيخ الجامع؟ فلا أجد إجابة شافية تتوافق مع الواقع الذي نعيشه، ومع حديث خطيب الجامع لهم. مؤكدة أن الكثير من الأطفال يرون آباءهم بأنهم غير ملتزمين دينياً، وفق ما يردده الخطباء والأئمة لهم في الجوامع والمساجد، لمجرد أن الآباء يشاهدون الأعمال الدرامية في رمضان، وهو ما ينهى عنه الأئمة والخطباء، ويرى بعضهم أنه رجس من عمل الشيطان. المشايخ يحذرون ويقر خالد القحطاني بأنه يشعر بتأنيب الضمير كلما تابع مسلسلاً رمضانياً، قائلاً: لا أشعر بطعم الشهر الكريم إلا بمشاهدة الأعمال الدرامية والمسلسلات على مختلف الفضائيات، ولكن في الوقت نفسه أشعر بأنني أرتكب ذنباً كبيراً أثناء هذه المشاهدة، ليس لسبب سوى أن هناك العديد من المشايخ يحذرون من مشاهدة الأعمال الرمضانية؛ حتى لا تعطل المرء عن الصلاة والعبادة وقراءة القرآن وقيام الليل. علما بأنني حريص على كل هذه الأمور، والتوازن بينها وبين مشاهدة الفضائيات في شهر رمضان، ولكن ضميري غير مطمئن؛ وهذا ما يعكر علي فرحة شهر رمضان في كل عام.
العد التنازلي إلى هذا، بدأ العد التنازلي للتنافس بين الفضائيات العربية في بث المسلسلات والبرامج في شهر رمضان، ونجحت بعض الفضائيات الخليجية في إنتاج أعمال حصرية، أنفقت عليها ملايين الريالات، وتخطط هذه الفضائيات لجذب نسبة مشاهدة كبيرة، تجلب لها الإعلانات التجارية، بما يضمن لها تحقيق أرباح جيدة. ولا تقتصر الإعلانات الترويجية للفضائيات على شاشاتها، وإنما تلجأ للصحف اليومية الخليجية، وكذلك مواقعها على شبكة الإنترنت.. إضافة إلى أنه دخلت قناتان جديدتان في حلبة المنافسة هذا الموسم؛ ما يشعل السباق الرمضاني أكثر من ذي قبل. ويشهد هذا العام عودة بعض المخرجين الكبار للعمل من جديد، فيما يقوم نجوم كبار بإنتاج أعمالهم، ومن ثم بيعها للقنوات الفضائية.
وتحرص الفضائيات الخليجية خلال شهر رمضان من كل عام على إنتاج أعمال سعودية في المقام الأول، وتدعمها بأعمال خليجية؛ لتجذب لها المشاهد السعودي والخليجي، إلى جانب إنتاج أعمال مصرية وسورية لجذب المشاهد العربي. وتمنح الوكالات التجارية الإعلانات لكل فضائية بناءً على نسبة المشاهدة اليومية وعدد المتابعين لها.