أصدرَ أئمة وخطباء ومشايخ ودعاة محافظة الأحساء بياناً استنكارياً للحدثين الإجراميين اللذينِ وقعا في "القديح والعنود" بالمنطقة الشرقية، مؤكدين أن هناك من يريد نقل الفتنة من جحورها الموبوءة إلى المملكة التي تنعم بالأمن والأمان، وقالوا: هيهات لهم أن يبلغوا مآربهم الخبيثة. وقالوا في البيان: "بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فباسم أئمة مساجد محافظة الأحساء وخطبائها ودعاتها نستنكر الحدثين الإجراميين اللذين وقعا في مسجد علي بن أبي طالب ببلدة القديح ومسجد العنود بالدمام، ونعزي أهالي الضحايا ونواسيهم في مصابهم الجلل، فالأنفس المعصومة لا يتعدى عليها إلا المجرمون السفاحون، الذين غسلت أدمغتهم من قبل أجندة خارجية دخيلة على أهل هذه البلاد، التي جعلت أمن كل نفس على أرضها ركيزة من ركائز عزها ومكانتها، لا تفرق في ذلك بين نفس ونفس، ولا مذهب طائفة وأخرى".
وأضاف البيان: " غير أن الأنفس الحاقدة لا يهدأ لها بال حتى تنقل الفتنة من جحورها الموبوءة إلى بلاد أكرمها الله تعالى بالأمن والأمان، والطمأنينة والاستقرار، ولكن هيهات لهم أن يبلغوا مآربهم الخبيثة، وقد أثبت مجتمعنا الأبي أنهم يد واحدة في السراء والضراء، كيف وقد امتن الله عليهم بالأمن في كتابه العزيز فقال: (الَّذِي أَطْعَمَهمْ مِنْ جوعٍ وَآمَنَهمْ مِنْ خَوْفٍ) [ قريش (4) ].
وتابع،: " إن التعايش بين كل الأطياف في المملكة على مر تاريخها المجيد يعد من أبرز سمات الوطن التي نفتخر بها، ونعتز بانتصارها على كل التحديات التي تواجهها، ولذلك فإن العدو ينظر إلى هذه النعمة نظرة الحقد، فراح يجنّد سفهاء العقول ليغرر بهم، ويستعملهم استعمالاً دنيئاً، فيجعلهم أداة لسحق أنفسهم، وإزهاق أرواح الآمنين، وتفجير الممتلكات، بل دور العبادة التي هي محل الطمأنينة والسكينة والأمان! قَالَ رَسول اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وصف هؤلاء الخوارج: (إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْماً يَقْرَءونَ الْقرْآنَ لَا يجَاوِز حَنَاجِرَهمْ، يَقْتلونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، يَمْرقونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرق السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّةِ؛ لَئِنْ أدركتهم لأقلتنهم قَتْلَ عَادٍ) رواه مسلم.
وأكمل البيان: " إننا وباسم كل من يحمل في قلبه حباً لدينه ووطنه نحمّل كل من يساهم في الفتنة أو يدعو إليها أو يساعد عليها أو يتستّر على مجرميها أو يشرّع لها أو يخطط لها؛ نحمّلهم جميعاً مسؤولية افتراق الكلمة وتمزيق الصف وما يترتب عليها من إراقة للدماء المعصومة، والأنفس البريئة، وسنظل صفاً واحداً نحمي ديننا ووطننا وندين الله بولائنا لحكومتنا ونقف معها ورجال أمننا في السراء والضراء، ولن نقبل بأي مزايدات على وحدتنا وترابطنا وأمن بلادنا، فتلكم أصول وثوابت يجب أن تبقى راسخة في عقولنا، ثابتة في قلوبنا، نعتقد بها، ونربي عليها أجيالنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وإننا لنعتقد اعتقاداً جازماً بأن هذا الفكر ليس وليد أرضنا الطيبة، وإنما هو الفكر الخارجي الذي خرج على الطرفين أهل السنة والشيعة، وهو من يستهدف وحدتهم وأمنهم ومصالحهم، ولذا يجب عليهم جميعاً أن يتوحدوا ضده، وينبذوه بكل قوة، ولا يسمحوا له بالتمدد والانتشار أو التأثير مهما كان مصدره أو فاعله.
وإننا نتقدم بأحر التعازي لذوي الضحايا الذي ذهبوا ضحية للغدر والخيانة للدين والوطن، وأن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يخلف عليهم في مصيبتهم خيراً، إنه جواد كريم.
وختم البيان بالقول: " اللهم أحفظ علينا ديننا وأمننا ووطننا، ولا تمكن فينا عدواً ولا حاقداً، اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميراً عليه، وتقبّل شهداءنا، وأعن أولياء أمورنا ورجال أمننا على كل خير ومعروف، وأمدهم بقوتك وعلمك، فإنك سميع مجيب.