نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، رأس صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وفد المملكة العربية السعودية في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، المنعقد خلال المدة من 22 إلى 24/ 5/ 1436ه، الذي بدأ أعماله اليوم الجمعة في مدينة شرم الشيخ. وكان سمو ولي العهد قد وصل إلى صالون رئاسة الجمهورية بمقر المؤتمر؛ حيث كان في استقباله فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية.
ثم التُقطت الصور التذكارية للقادة المشاركين في المؤتمر.
بعد ذلك توجّه سمو ولي العهد -حفظه الله- وقادة ورؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر بصحبة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي للقاعة الرئيسة للمؤتمر.
عَقِب ذلك بدأت أعمال الجلسة الأولى للمؤتمر؛ حيث شاهد الجميع عرضاً ترحيبياً.
وألقى صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء كلمة المملكة، وفيما يلي نصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية أصحاب الجلالة والسمو والفخامة أصحاب المعالي والسعادة السيدات والسادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يسرني أن أنقل إليكم جميعاً تحيات أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الذي حالت ارتباطاته دون مشاركته الشخصية وتمنياته لمؤتمرنا هذا النجاح. وأشكر لكم -يا فخامة الرئيس- ولأعضاء حكومتكم ولشعبكم الشقيق كرم الضيافة والشكر لكل من ساهم في الإعداد والتنظيم. ونعبّر عن الارتياح التام للاهتمام والمشاركة من قِبَل الدول الشقيقة والصديقة، وننوه بشكل خاص بالمشاركة الفاعلة من القطاع الخاص. ونحن على ثقة -بتوفيق الله- من تحقيق الأهداف.
السيدات والسادة إن المملكة باقتراحها ودعوتها المبكرة من قِبَل الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- لهذا المؤتمر وبمشاركتها الفاعلة لمصر في الإعداد والترتيب مع شقيقتها دولة الإمارات العربية المتحدة؛ لتؤكد على ما توليه من اهتمام على مدى تاريخ علاقاتها باستقرار مصر وازدهارها، والحرص على تعزيز العلاقات معها وتقويتها، والنأي بها عما يعكر صفوها.
وقد أثبتت الأحداث على مدى تاريخ علاقاتنا رسوخها، وأنها سرعان ما تتغلب على ما يكدر صفوها بحكمة قيادتيْ البلدين والفاعلين على المستويين الرسمي والخاص.
ومما يبعث على الرضا: نمو علاقاتنا الاقتصادية الشاملة؛ حيث تأتي المملكة في المرتبة الأولى بوصفها أكبر بلد مستثمر في مصر، وتأتي مصر في قائمة أكبر عشرين دولة مصدّرة للمملكة، وفي المرتبة الرابعة والعشرين ضمن قائمة الدول المستوردة من المملكة.
ولا شك أن هناك مجالاً رحباً وواسعاً لتنمية هذه العلاقات؛ لما يتوفر لاقتصاد البلدين من إمكانات، وتوضح المشاركة الكبيرة من القطاع الخاص السعودي في أنشطة المؤتمر الاهتمام الكبير الذي يوليه هذا القطاع في الاستثمار بمصر.
السيدات والسادة تشهد منطقتنا تحولات سياسية واقتصادية وأمنية، أثّرت سلباً على مسار التنمية، وبرزت من خلالها ظاهرة الإرهاب بشكل مروّع، ومما يؤسف له أن يلصق هذا الإرهاب -تجنياً وبهتاناً- بالإسلام، والإسلام منه بريء، وعلى المجتمع الدولي التعاون لمحاربته وسد منافذه، وقد سعت المملكة بكل ما أوتيت من حزم وقوة لمحاربته والتعاون مع المجتمع الدولي في ذلك، ومن هذا المنطلق تُدين المملكة -وبشدة- ما تشهده مصر الشقيقة من حوادث إرهابية تهدف إلى تعكير صفو الأمن والتشويش على مسيرة الاستقرار والنمو التي تسعى إليها حكومة مصر الشقيقة؛ مؤكدين موقفنا الثابت مع مصر وشعبها لتثبيت الأمن والاستقرار، ووضع الاقتصاد على مسار التعافي والازدهار. ونطالب المجتمع الدولي بعدم ازدواجية المعايير، والفهم الدقيق لما يجري من أحداث، ودعم جهود الحكومة المصرية لتثبيت الاستقرار ودعم جهود التنمية.
السيدات والسادة تابعنا بارتياح التقدم في تنفيذ خارطة الطريق السياسية، وتنفيذ الحكومة المصرية عدداً من الإصلاحات الاقتصادية الطموحة؛ على الرغم من صعوبة المرحلة الانتقالية. ونؤكد على أهمية الاستمرار في ذلك تعزيزاً للثقة. ومما يبعث على التفاؤل: ظهور بوادر تحسن في الاقتصاد المصري، ولا شك أن هذا المؤتمر يمثل فرصة مواتية لتأكيد التزام الحكومة المصرية بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وتسليط الضوء على البرنامج الاقتصادي والتنموي لمصر على المدى المتوسط، بما يساعد على جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
السيدات والسادة انطلاقاً من العلاقات التاريخية الراسخة والمصير المشترك؛ فقد واصلت المملكة العربية السعودية دعمها لمصر الشقيقة على كل الأصعدة؛ حيث قدمت المملكة مساعدات غير مستردة وقروضاً، كما قدّمت المملكة مساعدات مالية ومِنَحاً بترولية خلال الفترة الماضية؛ دعماً لجهود الحكومة المصرية لتعزيز تعافي الاقتصاد المصري، واستمراراً لموقف المملكة الداعم لمصر واستقرارها؛ يسرني أن أعلن عن تقديم المملكة العربية السعودية لحزمة من المساعدات بمبلغ أربعة مليارات دولار أمريكي؛ منها مليارا دولار وديعة في البنك المركزي المصري، والباقي سيوزع على مساعدات تنموية من خلال الصندوق السعودي للتنمية، وتمويل وضمان صادرات سعودية لمصر من خلال برنامج الصادرات السعودية، واستثمارات في المشاريع المختلفة مع القطاع الخاص السعودي والمصري والمستثمرين الدوليين.
ونؤكد -من هذا المنبر- على أهمية دعم المجتمع الدولي لمصر في تلبية الاحتياجات التنموية الملحة، ومساعدة الحكومة المصرية لوضع الاقتصاد على مسار مستدام، ومن هذا المنطلق نرحب بمشاركة كل من صندوق النقد والبنك الدوليين، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى في المؤتمر؛ مشيدين بما يقدمونه من مساعدات فنية ومالية لمصر؛ داعين إلى تقديم المزيد في الفترة القادمة. ونشكر -بشكل خاص- مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والمؤسسات المالية وصناديق التنمية العربية مشاركتهم ودعمهم الفني والمالي لمصر؛ متطلعين إلى مواصلة هذا الدعم، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات المالية العالمية لحشد الموارد المالية لدعم البرامج والمشروعات في مصر.
ختاماً نشكر لكم استماعكم متطلّعين إلى ما سيُسهم فيه المؤتمر من دعم لمصر وجهودها لتحقيق النمو والتنمية المستدامة.