يظل مشعر الجمرات خير شاهد على أكبر توسعة عاشتها المشاعر المقدسة في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالله وبأدواره الأربعة وعمره الافتراضي والذي قدر بنحو 200 عام وبكلفة إجمالية بلغت 6 مليارات ويمكنه تحمل 12 طابقاً ويتسع لأكثر من 12 مليون حاج، والذي جاء بعد لفتة كريمة وإحساس بالمسؤولية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله رحمة الله عليه بإيجاد حلول عاجلة بأرق التصاميم وأفضل جودة، تجنباً لوقوع إصابات أو وفيات نتيجة لتدافع الحجاج أثناء رمي الجمرات. ولتفادي مثل هذه الحشود، أمكن التوصل إلى تصميم يستفيد من الطروحات والدراسات التي قدمت من جهات مختلفة ويجمع الحل بين عديد من الإيجابيات ويتفادى معظم السلبيات، إذ أجمع العديد من الخبراء المحليين والعالميين الذين شاركوا في لجان تقويم المشروع على أنه الحل الأمثل الذي يؤدي بإذن الله تعالى إلى سلامة الحجاج والذي جمع بين توفير الطاقة الاستيعابية اللازمة مع أعلى انسيابية ممكنة.
وروعي في تصميمية الفصل بين حركة المشاة وحركة مرور المركبات عن طريق أنفاق ممتدة من شارعي الجوهرة وسوق العرب في شمال المشعر وشارع الملك فيصل في جنوب المشعر، ويتم توزيع كتل الحجاج على عدة مداخل في عدة مستويات واتجاهات بمنحدرات تصل إلى أماكن قدومهم.
كما ساهم تغيير شكل شاخص الجمرة إلى جدار وشكل الحوض إلى الشكل البيضاوي المنتظم بطول 40 متراً من تمكين الحاج من الرجم، مع توفير انسيابية عالية وفصل الحجاج إلى ممرين شمال الجمرات وجنوبها، والذي اشتمل على عدة مداخل ومخارج منها أحد عشر مدخلاً واثنا عشر مخرجاً بالإضافة إلى المداخل المتعددة والمخارج المتعددة للدور الأرضي مما ساعد على تفتيت الكتلة والوصول إلى أقرب نقطة من مكان قدوم الحجاج.
وساعدت توسعة ساحة الجمرات الشرقية وإعادة تنظيمها وتخطيطها وإنشاء محطات للحافلات في أماكن ومستويات عدة، على إيجاد خطوط ترددية لخدمة الحجاج والتخفيف عليهم ، كما ساهم قبو المنشأة في منع عرقلة السير بسبب قدوم الوفود ويتم استخدامه لرمي الجمرات كما أنه يسهل عملية الإخلاء والطوارئ والإنقاذ ووضع المعدات والآليات بالقرب من أماكن الحوادث، إضافة إلى تجميع المخلفات والحصى وسرعة نقلها إلى خارج منى.
وبعد هذا المشروع الجبار في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله رحمة الله عليه، لم يتم رصد أي حادثة تدافع أو تزاحم في السنوات السبع الماضية ( 1426 ه وحتى 1433 ه ) في مواسم الحج ومنطقة الجمرات وأثبتت الأمة الإسلامية قدرتها على الالتزام بالأنظمة والإرشادات وأعطوا في مواسم الحج الماضية صورة حضارية.