دشن الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز، محافظ جدة رئيس مجلس التنمية السياحية بجدة رئيس اللجنة العليا لمهرجان جدة التاريخية، بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، مساء أمس، حفل افتتاح فعاليات مهرجان جدة التاريخية بنسخته الثانية، بعنوان "شمسك أشرقت"، التي تضم أكثر من 89 فعالية تراثية وترفيهية وثقافية وتسويقية. وأكد الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة أن "الإقبال المتزايد والمستمر على زيارة جدة التاريخية يؤكد بجدارة هذا النجاح الذي نسعد به جميعاً، والذي يتجاوز معناه الظاهري إلى الإدراك العميق لقيمة الآثار وأهميتها القصوى في تأكيد المكانة الحضارية لمملكتنا الحبيبة التي تحقق في كل يوم المزيد من النماء في جميع المجالات في ظل قائد مسيرتنا المباركة".
وأشار إلى أن "هذا النجاح يعد بكل المقاييس التتويج العملي والمباشر لجهود كبيرة وأداء متميز وتعاون إيجابي مشكور بين جهات عديدة، في مقدمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة محافظة جدة، والجهات كافة ذات العلاقة، وأخص الأجهزة الأمنية والرعاة والمنظمين، التي تكاملت كلها مع جهود الأهالي، وأدت في النهاية إلى وجود جدة التاريخية على قائمة التراث العالمي".
وشدد على أن "المحافظة على النجاح تعد أصعب من تحقيق النجاح ذاته؛ فإن التحدي القائم والمستمر يستلزم مضاعفة الجهود للحفاظ على هذه الكنوز وتعزيز هذه المكتسبات من خلال الصيانة الدائمة، والترميم الفوري لأي جزء يتأثر مهما كان محدوداً، مع الحرص في الوقت ذاته على تعزيز العمل المشترك بين الجهات المعنية كافة لتوعية الأجيال الجديدة بقيمة وأهمية هذا التراث الحضاري، والتعريف بصور الحياة في ماضينا العريق، وبحياة الآباء والأجداد؛ لأهمية ذلك في ترسيخ قيم الانتماء للوطن الغالي الذي أنتم تصنعونه".
وتابع: "كما أعبّر عن فائق التقدير للأهالي الكرام الذين بدؤوا بترميم منازلهم، واثقاً بحرصهم على الاستمرار في هذا العمل الإيجابي المتميز لأهميته الحيوية في الحفاظ على ما تحقق من إنجار، فلهم منا كل الاحترام".
ودعا الأمير مشعل بن ماجد الأمير سلطان بن سلمان لتكريم الملاك والجهات الراعية. وقال أمين محافظة جدة، الدكتور هاني أبوراس: "نعود اليوم من جديد بعد أن تم تسجيل جدة التاريخية ضمن لائحة التراث العالمي في منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)".
وقال: "تعود جدة التاريخية اليوم بعد التسجيل منطقة استثنائية في مجال الثقافة والتراث الإنساني، ومركزاً متعدد الثقافات، يتميز بتقاليد معمارية أثرية حضارية ضاربة في القدم متجانسة مع التطور الحضاري. ومنذ إنشاء وتشغيل بلدية جدة التاريخية منذ ما يقارب خمسة أعوام تقريباً، حتى اليوم، أصدرت أمانة محافظة جدة أكثر من ستمائة تصريح ترميم كامل وجزئي، وأصدرت أكثر من 16 ألف رخصة مهنية وتجارية وصحية، وتم توثيق أكثر من ستمائة مبنى تاريخي مصنف، تزخر بهم جدة التاريخية".
وأضاف: "حسب نظام تسجيل جدة في سجل التراث العالمي، فإنه يتوجب حماية المباني المسلحة التي تم بناؤها قبل عام 1950 ميلادياً، الموافق 1375 هجرياً، مثل مباني الخاسكية القديمة، التي تتميز بالعناصر المعمارية والنقوش الفنية التقليدية لجدة التاريخية التي تم اكتشافها بواجهات المباني بعد إزالة التعديات على الشوارع والممرات. وقد تم استرجاع مساحة 2300 متر مربع بمنطقة الخاسكية القديمة وشارع قابل وسوق العلوي والمواقع الأخرى".
وتابع: "كما انتهت الأمانة من وضع وتطبيق مخطط نظام البناء حسب متطلبات اليونسكو، وجميع تصاريح البناء تخضع لهذا النظام، إضافة إلى تطوير مشروع النظافة بجدة التاريخية بالآليات الحديثة. ولأهمية السلامة فقد تم كذلك - والحمد لله - الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع شبكة إطفاء الحريق".
وبيّن أن الأمانة تشرفت كذلك بمهام الإشراف الفني على مشروع ترميم مسجد الجامع العتيق منذ بدء المشروع حتى تاريخه، وتم العمل فيه حسب متطلبات تسجيل جدة بسجل التراث العمراني من حيث المواصفات المحلية والعالمية. كما استمرت أمانة محافظة جدة في استكمال ومتابعة مشاريع جدة التاريخية، وعددها سبعة مشروعات، التي تم إعلانها في العام الماضي.
وأوضح أنه "تم الانتهاء من مشروع تنفيذ وتطوير المواقف العامة بنسبة 100 %، كما تم الانتهاء أيضاً من مشروع تنفيذ مصدات حركة السير وتنظيم حركة المشاة بنسبة 100 %.
ونحن الآن في هذه اللحظة نستكمل مشروعاتنا بكل حرص واهتمام؛ لنحقق 60 % من مشروع حصر ودراسة المباني التاريخية، وكذلك إنجاز 50 % من مشروع تأهيل مباني ومتاحف جدة التاريخية - المرحلة الأولى، وإنجاز 80 % من مشروع تحسين وتأهيل شارع قابل، وكذلك تم حتى اللحظة إنجاز 20 % من مشروع تحسين وتطوير وإنشاء الأرصفة والممرات بالمنطقة التاريخية، ومشروع صيانة وإحلال أعمدة الإنارة التراثية. لقد بلغت التكلفة التقديرية لتلك المشروعات قرابة المائة مليون ريال".
وأشار إلى أنه "لم تتوقف الأمانة -بفضل من الله تعالى ثم متابعة وحرص ولاة الأمر- عن استكمال مشروعات التطوير والتحسين؛ فحظيت الأمانة بحزمة جديدة من المشاريع الجاري ترسيتها الآن بتكلفة تقديرية تقارب الأربعمائة مليون ريال، يأتي في مقدمتها ترميم مبانٍ تاريخية (مرحلة أولى) – تأهيل وتطوير مسار الحج قديماً– تأهيل وتطوير مسار باب شريف– مشروع تركيب كاميرات المراقبة والعد والإحصاء".
وذكر أن "تنفيذ هذه المشاريع والانتهاء منها لا يعني الوصول إلى نهاية المطاف، لكننا - بفضل الله ثم بدعم حكومتنا الرشيدة وتضافر الجهود المجتمعية من الملاك والقطاعين العام والخاص – سنتمكن - بإذن الله - من تأكيد أحقية وجدارة مساهمة جدة التاريخية في التراث المشترك للإنسانية والحضارة الإسلامية والعالمية".
وقال المدير العام للهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة مكةالمكرمة محمد بن عبدالله العمري إن القريبين من قضايا التراث يلمسون العناية الفائقة من الدولة بالتراث العمراني الوطني، وقد سعدنا جميعاً بصدور حزمة قرارات ممكنة، لا تحفظ لجيل اليوم هذه الثروة الوطنية فحسب، بل تسلمه للأجيال القادمة مصاناً من أيدي العبث. ولعل آخر ما صدر من الدولة -رعاها الله- إقرار برنامج الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، ونظام السياحة، ونظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، إلى جانب قرارات أخرى قادمة - بإذن الله - تدعم برامج التمويل لمثل هذه المشاريع".
وأوضح أن "الهيئة العامة للسياحة والآثار تستبشر بإغلاق الاكتتاب الخاص في شركة الضيافة التراثية القابضة التي تبنت الهيئة العامة للسياحة والآثار إنشاءها، والتي تساهم الدولة في جزء من رأس مالها ممثلة بصندوق الاستثمارات العامة، وسيكون أحد المكتتبين فيها شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني، وتمت تغطية كامل رأس مال الشركة، البالغ 250 مليون ريال، وسيعلن ذلك رسمياً خلال الأسابيع القادمة بعد استكمال الإجراءات النظامية مع هيئة سوق المال".