قال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار: "نحن الآن في مرحلة تاريخية في استعادة التراث الوطني، بعد سنوات من الجور والتعدي على مبانيه، بحكم أنه آيل للسقوط، وهي الكلمة التي اندثرت وانتهت وولت، ولا يحق ل "أي شخص كان"، أن يفعل ذلك بعد صدور الأوامر الصريحة من الدولة بمنع ذلك"، منوها أن هناك كثيرا من أهالي قرى منطقة عسير وغيرها لديهم وعي بأهمية ما تقوم به الهيئة، بل يطالبون باعتماد المشاريع لتأهيل وتطوير قراهم، كاشفا عن عمل الهيئة مع أمانة الأحساء على إعادة تشكيل وترميم وسط الهفوف التاريخي، وسيجهز خلال الأشهر القريبة ملف الهفوف كاملا؛ لاعتماده في منظمة اليونيسكو ضمن مواقع التراث العالمي، وسيصل فريق استشاري من اليونيسكو بعد أيام قليلة لها". وأوضح سموه خلال مداخلة في ورشة عمل "تجارب البلديات في المحافظة على مواقع التراث العمراني الوطني وتنميته" ضمن ملتقى التراث العمراني الرابع في عسير أن الشراكة التي وصفها بالفاعلة والمميزة كثيرا بين الهيئة ووزارة الشئون البلدية والقروية ممثلة في الأمانات والبلديات في المناطق أسهمت في إحداث نقلة كبيرة في الحفاظ على التراث العمراني وتطويره واستثماره من خلال المشاريع المشتركة، التي تنفذها الهيئة مع الأمانات والبلديات في عدد من مناطق المملكة، ضمن مشاريع القرى التراثية ومشاريع الأسواق الشعبية وأواسط المدن التاريخية وغيرها مبينا أن البلديات التي كان بعضها يسارع في الماضي بهدم مباني التراث، صارت تسارع الآن بترميمها عن قناعة بأهميتها التاريخية والاقتصادية. ولفت الأمير سلطان إلى أن هناك 3 مسارات لترميم المباني التراثية، الأول: اتبعناه في الهيئة، بالاتفاق مع أصحاب المباني على استلام المباني ونقل ملكيتها للهيئة 20 إلى 25 سنة؛ لترميمها وإعادة استخدامها كمتاحف أو أشياء أخرى أو حتى تأجيرها، ويحصل ذلك حاليا في أكثر من موقع، والأمانات يمكنها أن تفعل ذلك، كما أن شركة الضيافة السعودية التراثية ستكون شريكا أساسيا في دخولها بقوة في المباني التراثية مثلما في جدة التاريخية. وأضاف: "أفضل طريقة لإحياء المباني التراثية وتشجيع الأهالي على ترميمها واستثمارها هو أن تقوم الدولة بإحياء المناطق المحيطة بها وترفع القيمة المعنوية والمالية، وهذا يحدث في كثير من دول العالم، وفي جدة التاريخية والهفوف تقدم الدولة البنية التحتية والشوارع وتصل بالخدمات وتحسن حتى وضع المباني". وأكد أمين منطقة المدينةالمنورة المهندس خالد طاهر، أن قرار نظام التراث العمراني والآثار والمتاحف وضع النقاط على الحروف، وأنهى التداخل في الأدوار ما بين البلديات والسياحة، مؤكدا أن الامانة بدأت في البناء المؤسسي بوضع جهة مسؤولة عن التراث العمراني تحت وكالة الدراسات، وأنها نجحت في بلورة العديد من المشاريع في هذا المجال على أرض الواقع، بقيمة تصل إلى 900 مليون ريال، فضلا عن إعداد واجهات تراثية على مباني الجهات الحكومية الراغبة، وشدد على أهمية الحفاظ على التراث العمراني باعتباره هوية معمارية، يجب الالتزام بها. وشدد أمين منطقة القصيم صالح الأحمد على انفاق 180 مليون ريال على مشاريع في مجال الحفاظ على التراث العمراني، بجانب إنشاء وحدة مختصة، وتنفيذ العديد من المهرجانات التي تحكي التراث العمراني، وأضاف أن أمانة القصيم تعمل كشريك مع الهيئة في كل المشاريع، منوها بأن أواسط بريدة وعنيزة والمذنب كلها كانت تحكي طابع التراث العمراني. قال أمين منطقة نجران المهندس فارس الشفق: إن وجود مشاكل في تخطيط المدن والمحافظات والمراكز، استوجب في أحيان كثيرة إعادتها عكس حياة الأجداد، هو بمثابة الدرس المستفاد، مشددا على أن التراث العمراني هو ذاكرة المدينة وطريقة عيش أهاليها، وإرث حضاري وثقافي يجب أن يبقى. وعرض الأمين عشرات المشاريع في نجران، كلها تحاكي الطابع العمراني للمدينة كالوادي والبوابة ومباني البلديات والمراكز الحضارية، وعدد من الأسواق سواء القديمة أو الحديثة، بجانب مشاريع التأهيل والتطوير للأماكن التاريخية كقصر الإمارة "بن ماضي" وسور الأخدود وقصر العان وقرية العان وقرية آل منجم، ناهيك عن ساحة العلم والميدان العام. وذكر أمين محافظة الأحساء عادل الملحم، أن دخول وسط الهفوف إلى المواقع العالمية في منظمة اليونسكو، يعتبر بمثابة الحمل الجديد، مستعرضا ما تم في المشروع الذي يصل إلى 3 كيلو/3 كيلو حتى الآن، وكشف عن مشروع ضخم لتطوير وسط الهفوف بعد دخوله لقائمة التراث العالمي. وأضاف أن الأمانة حريصة على استكمال "البنية التحتية" لجميع مواقع التراث، لافتاً إلى أن هذه المنطقة جديرة بالتسجيل في لائحة التراث العمراني، وما زالت تحتفظ بالنسيج العمراني التراثي القديم "المتميز"، مع البدء بأن تأخذ جميع المباني الحديثة في هذه المنطقة الشكل التراثي، من حيث الواجهات والارتفاعات وهو يعطي توجها نحو تسهيل إجراءات التسجيل. وأكد الملحم أن الأمانة كانت قد حققت سبقا في إيجاد مشاريع على أرض الواقع، وأنها بدأت تحصد ما عملته. ورأى مدير الجلسة أمين منطقة عسير المهندس إبراهيم الخليل، ضرورة إيجاد بنود مالية واضحة؛ للصرف على مواقع التراث العمراني، لتحول دون امتناع بعض الأمناء ورؤساء البلديات في تنفيذ مشاريع التراث العمراني. قرى عسير التراثية وجهة المهتمين بدراسات التاريخ والآثار الأمير سلطان بن سلمان خلال مداخلته بورشة العمل