حذر المستشار الاقتصادي والنفطي الدكتور محمد سالم سرور الصبان، من التأخر في إنشاء صندوق سيادي يحفظ مدخرات وفوائض المملكة النقدية، مؤكداً أن معظم تلك الفوائض مستثمرة في سندات الخزينة بعوائد بين 1-2%، وهي نسبة أقل من معدل التضخم العالمي، وهو ما يؤدي إلى تآكل هذه الفوائض وخسارة في قيمتها الحقيقية بما لا يقل عن 4 % سنوياً. وقال الصبان ل "سبق": والذي هو أول من طالب بإنشاء صندوق سيادي منذ عام 2004م: "النقاش الدائر حول أهمية إنشاء المملكة لصندوق سيادي يعكس رغبة مختلف الفئات في مجتمعنا، خاصة في ظل عدم قناعة الكثيرين بالتصريحات الصادرة والتي تحاول تفسير عدم تبني المملكة للفكرة، وإن احتياطياتها المالية المستثمرة خارجيا تحقق عوائد أكبر من عوائد جميع الصناديق السيادية بما فيها الصندوق السيادي النرويجي".
كان وزير المالية العساف قد صرح منذ عدة أيام إن احتياطيات المملكة التي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) تصنف دوليا على أنها صندوق سيادي وتدر عائدا يماثل الذي تحققه الصناديق السيادية العالمية، وشدد على أن السياسية النقدية للسعودية هي الأنسب لظروفها، مشيراً إلى أن احتياطيات المملكة في مؤسسة النقد تصنف دوليا على أنها صندوق سيادي، والاختلاف هو في أسلوب إدارة هذه الصناديق وأمد الاستثمار فيها".
وتابع: "لا يمكن لنا إعادة اختراع العجلة، وتبرير ما لا يمكن تبريره. إذ أن الصناديق السيادية حول العالم تعتبر مثالا ناجحا بكل المقاييس وبشهادة مختلف المؤسسات المالية المختصة. كما أن وجود أكثر من خمسة وعشرين صندوقا سياديا عالميا لدول الفوائض في مختلف القارات، وتحقيقها عائدات سنوية بين 8-15%، هو دليل على نجاحها".
وبين: "وحتى دولنا الخليجية استطاعت أن تحقق قفزات في استثماراتها عبر صناديقها السيادية، ونمت رؤوس أموالها بشكل متسارع، مما أوجد لها حصانة ضد التقلبات التي تعيشها أسواق النفط العالمية حاليا ومستقبلا. وذكر بأن دولا مثل الكويت والأمارات وقطر ستطفئ أي عجز في ميزانياتها القادمة من عائدات هذه الصناديق، وهي ليست بحاجة لتسحب من أصل الاحتياطي المالي. كما أن دولا تخطط لتمويل كامل ميزانيتها من عائد صندوقها السيادي بحلول عام 2020. وهذا يعتبر إنجازا يحسب لها".
ونوه الدكتور الصبان، بأن عمل الصناديق السيادية هو عمل مؤسسي لا يرتبط بوزارات المالية أو البنوك المركزية (مؤسسة النقد)، لضمان عدم اختلاط السحب لتغطية الاحتياجات المحلية والاستثمار السليم الشفاف لهذه الفوائض النفطية. وذكر الدكتور الصبان بأن وجود المنتدى العالمي للصناديق السيادية والذي يضم جميع الدول المالكة لمثل هذه الصناديق، لا يضم المملكة والتي ليست عضوا فيه، فهي تمثل فيه بصفة مراقب فقط، كونها لا تمتلك فعليا مثل هذا الصندوق. ويعتبر هذا المنتدى بمثابة هيئة يتم من خلالها تبادل الخبرات والتجارب الناجحة والشفافية المطلوبة في عمل الصناديق السيادية.
وختم الصبان بقوله: إنه يؤمل أن تصدر الجهات المختصة ما يوضح أن استثماراتها -والتي تعتبرها شِبه سائلة- تدر عليها ما لا يقل عن 8-11% بشفافية واضحة، وإذا ما تأكد ذلك فإنه سيكون أول من يتخلى عن الدعوة إلى إنشاء صندوق سيادي، أما العموميات الحالية فهي ليست مقنعة، ولا تجد لها صدى إيجابي، ولا تحقق المصلحة الوطنية المأمولة من استثمار هذه الفوائض المالية.